تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٣٩
معدودة منهم لنمتحنهم فيما متعنا به، والذي سيرزقك ربك في الآخرة خير وأبقى.
قوله تعالى: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسالك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " الآية ذات سياق يلتئم بسياق سائر آيات السورة فهي مكية كسائرها على أنا لم نظفر بمن يستثنيها ويعدها مدنية وعلى هذا فالمراد بقوله " أهلك " بحسب انطباقه على وقت النزول خديجة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام وكان من أهله وفي بيته أو هما وبعض بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقول بعضهم: إن المراد به أزواجه وبناته وصهره علي، وقول آخرين: المراد به أزواجه وبناته وأقرباؤه من بني هاشم والمطلب، وقول آخرين: جميع متبعيه من أمته غير سديد، نعم لا باس بالقول الأول من حيث جري الآية وانطباقها لا من حيث مورد النزول فان الآية مكية ولم يكن له صلى الله عليه وآله وسلم بمكة من الأزواج غير خديجة عليها السلام.
وقوله: " لا نسالك رزقا نحن نرزقك " ظاهر المقابلة بين الجملتين أن المراد سؤاله تعالى الرزق لنفسه وهو كناية عن أنا في غنى منك وأنت المحتاج المفتقر إلينا فيكون في معنى قوله: " وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " الذاريات: 56 - 58، وأيضا هو من جهة تذييله بقوله: " والعاقبة للتقوى " في معنى قوله: " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " الحج: 37، فتفسيرهم سؤال الرزق بسؤال الرزق للخلق أو لنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس بسديد.
وقوله: " والعاقبة للتقوى " تقدم البحث فيه كرارا.
ولا يبعد أن يستفاد من الآية من جهة قصر الامر بالصلاة في أهله مع ما في الآيتين السابقتين من أمره صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه بالصلوات الأربع اليومية والصبر والنهي عن أن يمد عينيه فيما متع به الكفار أن السورة نزلت في أوائل البعثة أو خصوص الآية. وفيما (1) روي عن ابن مسعود أن سورة طه من العتاق الأول.

(1) رواه السيوطي في الدر المنثور عن البخاري وابن الضريس عن ابن مسعود، والعتاق جمع عتيق والأول جمع أولى والمراد قدم نزولها.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست