تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٣٨
وقوله: " لعلك ترضى " السياق السابق وقد ذكر فيه إعراضهم عن ذكر ربهم ونسيانهم آياته وإسرافهم في أمرهم وعدم إيمانهم ثم ذكر تأخير الانتقام منهم وأمره بالصبر والتسبيح والتحميد يقضي أن يكون المراد بالرضا الرضا بقضاء الله وقدره، والمعنى فاصبر وسبح بحمد ربك ليحصل لك الرضا بما قضى الله سبحانه فيعود إلى مثل معنى قوله: " واستعينوا بالصبر والصلاة ".
والوجه فيه أن تكرار ذكره تعالى بتنزيه فعله عن النقص والشين وذكره بالثناء الجميل والمداومة على ذلك يوجب أنس النفس به وزيادته وزيادة الانس بجمال فعله ونزاهته توجب رسوخه فيها وظهوره في نظرها وزوال الخطورات المشوشة للادراك والفكر، والنفس مجبولة على الرضا بما تحبه ولا تحب غير الجميل المنزه عن القبح والشين فإدامة ذكره بالتسبيح والتحميد تورث الرضا بقضائه.
وقيل: المراد لعلك ترضى بالشفاعة والدرجة الرفيعة عند الله. وقيل: لعلك ترضى بجميع ما وعدك الله به من النصر وإعزاز الدين في الدنيا والشفاعة والجنة في الآخرة.
قوله تعالى: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه " الخ، مد العين مد نظرها وإطالته ففيه مجاز عقلي ثم مد النظر وإطالته إلى شئ كناية عن التعلق به وحبه، والمراد بالأزواج - كما قيل - الأصناف من الكفار أو الأزواج من النساء والرجال منهم ويرجع إلى البيوتات وتنكير الأزواج للتقليل وإظهار أنهم لا يعبؤ بهم.
وقوله: " زهرة الحياة الدنيا " بمنزلة التفسير لقوله: ما متعنا به " وهو منصوب بفعل مقدر والتقدير نعني به - أو جعلنا لهم - زهرة الحياة الدنيا وهي زينتها وبهجتها، والفتنة الامتحان والاختبار، وقيل: المراد بها العذاب لان كثرة الأموال والأولاد نوع عذاب من الله لهم كما قال: " ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون " التوبة: 85.
وقوله: " ورزق ربك خير وأبقى " المراد به بقرينة مقابلته لما متعوا به من زهرة الحياة الدنيا هو رزق الآخرة وهو خير وأبقى.
والمعنى: لا تطل النظر إلى زينة الحياة الدنيا وبهجتها التي متعنا بها أصنافا أو أزواجا
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست