تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٣٤
القضاء بينهم وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد أخره الله إلى أمد كما تقدم استفادته من قوله:
" ولكل أمة رسول " الآية من سورة يونس.
واحتمل بعضهم أن يكون المراد بالكلمة وعدا خاصا بهذه الأمة بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة وقد مر في تفسير سورة يونس أن ظاهر الآيات خلافه نعم يدل كلامه تعالى على تأخيره إلى أمد كما تقدم.
ونظيره في الفساد قول الآخرين: إن المراد بالكلمة قضاء عذاب أهل بدر منهم بالسيف والأجل المسمى لباقي كفار مكة وهو كما ترى.
وقوله: " وأجل مسمى " قد تقدم في تفسير أول سورة الأنعام أن الاجل المسمى هو الاجل المعين بالتسمية الذي لا يتخطا ولا يتخلف كما قال تعالى: " ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون " الحجر: 5، وذكر بعضهم أن المراد بالأجل المسمى يوم القيامة، وقال آخرون إن الاجل المسمى هو الكلمة التي سبقت من الله فيكون عطف الاجل على الكلمة من عطف التفسير، ولا معول على القولين لعدم الدليل.
فمحصل معنى الآية أنه لولا أن الكلمة التي سبقت من ربك - وفي إضافة الرب إلى ضمير الخطاب إعزاز وتأييد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم - تقضى بتأخير عذابهم والأجل المسمى يعين وقته في ظرف التأخير لكان الهلاك ملازما لهم بمجرد الاسراف والكفر.
ومن هنا يظهر أن مجموع الكلمة التي سبقت والأجل المسمى سبب واحد تام لتأخير العذاب عنهم لا أن كل واحد منهما سبب مستقل في ذلك كما اختاره كثير منهم.
قوله تعالى: " فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " الخ، يأمره بالصبر على ما يقولون ويفرعه على ما تقدم كأنه قيل: إذا كان من قضاء الله أن يؤخر عذابهم ولا يعاجلهم بالانتقام على ما يقولون فلا يبقى لك إلا أن تصبر راضيا على ما قضاه الله من الامر وتنزهه عما يقولونه من كلمة الشرك ويواجهونك به من السوء، وتحمده على ما تواجهه من آثار قضائه فليس إلا الجميل فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك لعلك ترضى.
وقوله: " وسبح بحمد ربك " أي نزهه متلبسا بحمده والثناء عليه فإن هذه الحوادث التي يشق تحملها والصبر عليها لها نسبة إلى فواعلها وليست إلا سيئة يجب
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست