تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٨٧
المقصود بالأصالة من هذا الفصل ولذا فصل فيه القول ولم يبين غيره إلا بإشارة وإجمال.
قوله تعالى: " يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم " إلى آخر الآية كأن الكلام بتقدير القول أي قلنا يا بني إسرائيل وقوله: " قد أنجيناكم من عدوكم " المراد به فرعون أغرقه الله وأنجى بني إسرائيل منه بعد طول المحنة.
وقوله: " وواعدناكم جانب الطور الأيمن بنصب أيمن على أنه صفة جانب ولعل المراد بهذه المواعدة مواعدة موسى أربعين ليلة لانزال التوراة وقد مرت القصة في سورة البقرة وغيرها وكذا قصة إنزال المن والسلوى.
وقوله: " كلوا من طيبات ما رزقناكم " إباحة في صورة الامر وإضافة الطيبات إلى " ما رزقناكم " من إضافة الصفة إلى الموصوف إذ لا معنى لان ينسب الرزق إلى نفسه ثم يقسمه إلى طيب وغيره كما يؤيده قوله في موضع آخر: " ورزقناهم من الطيبات " الجاثية: 16.
قوله: " ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى " ضمير فيه راجع إلى الاكل المتعلق بالطيبات وذلك بكفران النعمة وعدم أداء شكره كما قالوا: يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها " البقرة 61. وقوله: " فيحل عليكم غضبي " أي يجب غضبى ويلزم من حل الدين يحل من باب ضرب إذا وجب أداؤه والغضب من صفاته تعالى الفعلية مصداقه إرادته تعالى إصابة المكروه للعبد بتهيئة الأسباب لذلك عن معصية عصاها.
وقوله: " ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى " أي سقط من الهوي بمعنى السقوط وفسر بالهلاك.
قوله تعالى: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " وعد بالرحمة المؤكدة عقيب الوعيد الشديد ولذا وصف نفسه بكثرة المغفرة فقال: " وإني لغفار " ولم يقل: وأنا غافر أو سأغفر.
والتوبة وهي الرجوع كما تكون عن المعصية إلى الطاعة كذلك تكون من الشرك إلى التوحيد، والايمان أيضا كما يكون بالله كذلك يكون بآيات الله من
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست