تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٨٤
ووعدهم قبل ذلك المنزلة بجعلهم من مقربيه والاجر كما حكى الله تعالى:
" قالوا أإن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين " الأعراف: 114 فقابلوا ذلك بأن من يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك - وفي الإشارة البعيدة تفخيم شأنهم - لهم الدرجات العلى - وهذا يقابل وعد فرعون لهم بالتقريب - جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ذلك جزاء من تزكى - بالايمان والعمل الصالح وهذا يقابل وعده لهم بالاجر.
قوله تعالى ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا - إلى قوله - وما هدى ". الاسراء السير بالليل والمراد بعبادي بنو إسرائيل وقوله: " فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا " قيل المراد الضرب بالعصا " كما يدل عليه كلامه تعالى في غير هذا الموضع وإن " طريقا " مفعول به لأضرب على الاتساع وهو مجاز عقلي والأصل أضرب البحر ليكون لهم طريقا. انتهى. ويمكن أن يكون المراد بالضرب البناء والإقامة من باب ضربت الخيمة وضربت القاعدة.
واليبس - على ما ذكره الراغب - المكان الذي كان فيه ماء ثم ذهب، والدرك بفتحتين تبعة الشئ، وفي نسبة الغشيان إلى ما الموصولة المبهمة وجعله صلة لها أيضا من تمثيل هول الموقف ما لا يخفى، قيل: وفي قوله: " وأضل فرعون قومه وما هدى " تكذيب لقول فرعون لقومه فيما خاطبهم: " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " المؤمن:
29، وعلى هذا فقوله: " وما هدى " ليس تأكيدا وتكرارا لمعنى قوله: وأضل فرعون قومه ".
(بحث روائي) في نهج البلاغة قال عليه السلام: لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال.
أقول: معناه ما قدمناه في تفسير الآية.
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جندب بن عبد الله البجلي
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست