تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٥٧
التكرار وهو خلاف الأصل.
وهو من أو هن الاستدلال، أما أولا فلما عرفت أن مفاد: " إنني معكما " هو الحضور والشهادة وهو غير العلم.
وأما ثانيا: فلقيام البراهين اليقينية على عينية الصفات الذاتية وهي الحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر بعضها لبعض والمجموع للذات، ولا ينعقد مع اليقين ظهور لفظي ظني مخالف البتة.
وأما ثالثا: فلان المسألة من أصول المعارف لا يركن فيها إلى غير العلم، فتتميم الدليل بمثل أصالة عدم التكرار كما ترى.
قوله تعالى: " فأتياه فقولا إنا رسولا ربك " إلى آخر الآية، جدد أمرهما بالذهاب إلى فرعون بعد تأمينهما ووعدهما بالحفظ والنصر وبين تمام ما يكلفان به من الرسالة وهو أن يدعوا فرعون إلى الايمان وإلى رفع اليد عن تعذيب بني إسرائيل وإرسالهم معهما فكلما تحول حال في المحاورة جدد الامر حسب ما يناسبه وهو قوله أولا لموسى: " إذهب إلى فرعون إنه طغى " ثم قوله ثانيا لما ذكر أسئلته وأجيب إليها: " إذهب أنت وأخوك " " إذهبا إلى فرعون إنه طغى "، ثم قوله لما ذكرا خوفهما وأجيبا بالأمن: " فأتياه فقولا " الخ، وفيه تفصيل ما عليهما أن يقولا له.
فقوله: " فأتياه فقولا إنا رسولا ربك " تبليغ أنهما رسولا الله، وفي قوله بعد:
" والسلام على من اتبع الهدى " الخ، دعوته إلى بقية أجزاء الايمان.
وقوله: " فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم " تكليف فرعي متوجه إلى فرعون.
وقوله: " قد جئناك بآية من ربك " استناد إلى حجة تثبت رسالتهما وفي تنكير الآية سكوت عن العدد وإشارة إلى فخامة أمرها وكبر شأنها ووضوح دلالتها.
وقوله: " والسلام على من اتبع الهدى " كالتحية للوداع يشار به إلى تمام الرسالة ويبين به خلاصة ما تتضمنه الدعوة الدينية وهو أن السلامة منبسط على من اتبع الهدى والسعادة لمن اهتدى فلا يصادف في مسير حياته مكروها يكرهه لا في دنيا ولا في عقبى.
وقوله: " إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى " في مقام التعليل
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست