ووجه اتصال القصة بما قبلها أنها تذكره بالتوحيد ووعيد بالعذاب فالقصة تبتدئ بوحي التوحيد وتنتهي بقول موسى: " إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو " الآية وتذكر هلاك فرعون وطرد السامري وقد ابتدأت الآيات السابقة بأن القرآن المشتمل على الدعوة الحقة تذكرة لمن يخشى وانتهت إلى مثل قوله: " الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ".
قوله تعالى: " وهل أتاك حديث موسى " الاستفهام للتقرير والحديث، القصة.
قوله تعالى: إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا " إلى آخر الآية المكث اللبث، والايناس إبصار الشئ أو وجدانه وهو من الانس خلاف النفور ولذا قيل: إنه إبصار شئ يونس به فيكون أبصارا قويا، والقبس بفتحتين هو الشعلة المقتبسة على رأس عود ونحوه والهدى مصدر بمعنى اسم الفاعل أو مضاف إليه لمضاف مقدر أي ذا هداية، والمراد - على أي حال - من قام به الهداية.
وسياق الآية وما يتلوها يشهد أنه كان في منصرفه من مدين إلى مصر ومعه أهله وهم بالقرب من وادي طوى في طور سيناء في ليلة شاتية مظلمة وقد ضلوا الطريق إذ رأى نارا فرأى أن يذهب إليها فإن وجد عندها أحدا سأله الطريق وإلا أخذ قبسا من النار ليضرموا به نارا فيصطلوا بها.
وفي قوله: " قال لأهله امكثوا " إشعار بل دلالة على أنه كان مع أهله غيره كما أن في قوله: " إني آنست نارا " مع ما يشتمل عليه من التأكيد والتعبير بالايناس دلالة على أنه إنما رآها هو وحده وما كان يراها غيره من أهله ويؤيد ذلك قوله أيضا أولا:
" إذ رأى نارا "، وكذا قوله: " لعلي آتيكم " الخ يدل على أن في الكلام حذفا والتقدير امكثوا لأذهب إليها لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هاديا نهتدي بهداه.
قوله تعالى: " فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك - إلى قوله - طوى " طوى اسم لواد بطور وهو الذي سماه الله سبحانه بالوادي المقدس، وهذه التسمية والتوصيف هي الدليل على أن أمره بخلع النعلين إنما هو لاحترام الوادي أن لا يداس بالنعل ثم تفريع خلع النعلين مع ذلك على قوله: " إني أنا ربك " يدل على أن تقديس الوادي إنما هو لكونه حظيرة لقرب وموطن الحضور والمناجاة فيؤول معنى الآية إلى مثل