تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٢٤
والله سبحانه هو المالك لكل خير لا يملك شئ شيئا من الخير إلا ما ملكه هو إياه وهو المالك مع ذلك لما ملكه والقادر على ما عليه أقدره وهو المنعم المفضل المحيي الشافي الرازق الغفور الرحيم الغني العزيز وله كل اسم فيه معنى الخير فهو سبحانه المستحق للعبادة رجاء لما عنده من الخير دون غيره.
والله سبحانه هو العزيز القاهر الذي لا يقوم لقهره شئ وهو المنتقم ذو البطش شديد العقاب لا شر لاحد عند أحد إلا بإذنه فهو المستحق لان يعبد خوفا من غضبه لو لم يخضع لعظمته وكبريائه.
والله سبحانه هو الاهل للعبادة وحده لان أهلية الشئ لان يخضع له لنفسه ليس إلا لكمال فالكمال وحده هو الذي يخضع عنده النقص الملازم للخضوع وهو إما جمال تنجذب إليه النفس انجذابا أو جلال يخر عنده اللب ويذهل دونه القلب وله سبحانه كل الجمال وما من جمال إلا وهو آية لجماله، وله سبحانه كل الجلال وكل ما دونه آيته.
فالله سبحانه لا إله إلا هو ولا معبود سواه لأنه له الأسماء الحسنى.
ومعنى ذلك أن كل اسم هو أحسن الأسماء التي هي نظائره له تعالى، توضيح ذلك أن توصيف الاسم بالحسن يدل على أن المراد به ما يسمى في اصطلاح الصرف صفة كاسم الفاعل والصفة المشبهة دون الاسم بمعنى علم الذات لان الا علم إنما شأنها الإشارة إلى الذوات والاتصاف بالحسن أو القبح من شأن الصفات باشتمالها على المعاني كالعادل والظالم والعالم والجاهل، فالمراد بالأسماء الحسنى الألفاظ الدالة على المعاني الوصفية الجميلة البالغة في الجمال كالحي والعليم والقدير، وكثيرا ما يطلق التسمية على التوصيف، قال تعالى: " قل سموهم " أي صفوهم.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه " الأعراف: 180، أي يميلون من الحق إلى الباطل فيطلقون عليه من الأسماء ما لا يليق بساحة قدسه.
فالمراد بالأسماء الحسنى ما دل على معان وصفية كالإله والحي والعليم والقدير دون اسم الجلالة الذي هو علم الذات، ثم الأسماء تنقسم إلى قبيحة كالظالم والجائر والجاهل، وإلى حسنة كالعادل والعالم، والأسماء الحسنة تنقسم إلى ما فيه كمال ما وإن
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست