هذا ان كان الذل بمعنى المسكنة وان كان بمعنى المطاوعة فهو مأخوذ من خفض الطائر جناحه ليجمع تحته أفراخه رحمة بها وحفظا لها.
وقوله: (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) أي أذكر تربيتهما لك صغيرا فادع الله سبحانه ان يرحمهما كما رحماك وربياك صغيرا.
قال في المجمع: وفي هذا دلالة على أن دعاء الولد لوالده الميت مسموع والا لم يكن للامر به معنى. انتهى. والذي يدل عليه كون هذا الدعاء في مظنة الإجابة وهو أدب ديني ينتفع به الولد وان فرض عدم انتفاع والديه به على أن وجه تخصيص استجابة الدعاء بالوالد الميت غير ظاهر والآية مطلقة.
قوله تعالى: (ربكم اعلم بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا) السياق يعطى ان تكون الآية متعلقة بما تقدمها من ايجاب احسان الوالدين وتحريم عقوقهما، وعلى هذا فهى متعرضة لما إذا بدرت من الولد بادرة في حق الوالدين من قول أو فعل يتأذيان به، وانما لم يصرح به للإشارة إلى أن ذلك مما لا ينبغي ان يذكر كما لا ينبغي ان يقع.
فقوله: (ربكم اعلم بما في نفوسكم) أي اعلم منكم به، وهو تمهيد لما يتلوه من قوله: (ان تكونوا صالحين) فيفيد تحقيق معنى الصلاح أي ان تكونوا صالحين وعلم الله من نفوسكم ذلك فإنه كان الخ، وقوله: (فإنه كان للأوابين غفورا) أي للراجعين إليه عند كل معصية وهو من وضع البيان العام موضع الخاص.
والمعنى: ان تكونوا صالحين وعلم الله من نفوسكم ورجعتم وتبتم إليه في بادرة ظهرت منكم على والديكم غفر الله لكم ذلك أنه كان للأوابين غفورا.
قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل) تقدم الكلام فيه في نظائره، وبالآية يظهر ان إيتاء ذي القربى والمسكين وابن السبيل مما شرع قبل الهجرة لأنها آية مكية من سورة مكية.
قوله تعالى: (ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان