الضميرين إلى الكفار بأن المراد أنهم جاهلون بما جرى عليه القلم في الأزل من أمر السعادة والشقاء إذ لم يشهدوا الخلقة فكيف يقترحون عليك أن تقربهم إليك وتطرد الفقراء.
ومثله قول آخرين: إن المراد أني ما أطلعتهم على أسرار الخلقة ولم يختصوا مني بما يمتازون به من غيرهم حتى يكونوا قدوة يقتدى بهم الناس في الايمان بك فلا تطمع في نصرتهم فلا ينبغي لي أن أعتضد لديني بالمضلين.
وكلا الوجهين أبعد مما ذكره الامام من الوجه فأين الآية من الدلالة على ما اختلقاه من المعنى؟
ومنها أن الضميرين للملائكة والمعنى ما أشهدت الملائكة خلق العالم ولا خلق أنفسهم حتى يعبدوا من دوني وينبغي أن يضاف إليه أن قوله: " وما كنت متخذ المضلين عضدا " أيضا متعرض لنفي ولاية الشياطين فتدل الآية حينئذ بصدرها وذيلها على نفي ولاية الفريقين جميعا وإلا دفعه ذيل الآية.
وفيه أن الآية السابقة إنما خاطبت الكفار في قولهم بولاية الشياطين ثم ذكرتهم بضمير الجمع في قولها: " وهم لكم عدو " ولم يتعرض لشئ من أمر الملائكة فإرجاع الضميرين إلى الملائكة دون الشياطين تفكيك، والاشتغال بنفي ولاية الملائكة تعرض لما لم يحوج إليه السياق ولا اقتضاه المقام.
قوله تعالى: " ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم إلى آخر الآية هذا تذكير ثالث يذكر فيه ظهور بطلان الرابطة بين المشركين وبين شركائهم يوم القيامة ويتأكد بذلك أنهم ليسوا على شئ مما يدعيه لهم المشركون.
فقوله: " ويوم يقول " الخ الضمير له تعالى بشهادة السياق، والمعنى واذكر لهم يوم يقول الله لهم نادوا شركائي الذين زعمتم أنهم لي شركاء فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وبان أنهم ليسوا لي شركاء ولو كانوا لاستجابوا.
وقوله: " وجعلنا بينهم موبقا " الموبق بكسر الباء اسم مكان من وبق وبوقا بمعنى هلك، والمعنى جعلنا بين المشركين وشركائهم محل هلاك وقد فسر القوم هذا