ومنها قول بعضهم: " إن أول الضميرين للشياطين والثاني للكفار أو لهم ولغيرهم من الناس. والمعنى ما أشهدت الشياطين خلق السماوات والأرض ولا خلق الكفار أو الناس حتى يكونوا أولياء لهم.
وفيه أن فيه تفكيك الضميرين.
ومنها قول بعضهم: برجوع الضميرين إلى الكفار، قال الإمام الرازي في تفسيره والأقرب عندي عودهما يعني الضميرين على الكفار الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن لم تطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء لم نؤمن بك فكأنه تعالى قال: إن هؤلاء الذين أتوا بهذا الاقتراح الفاسد والتعنت الباطل ما كانوا شركائي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ولا اعتضدت بهم في تدبير الدنيا والآخرة بل هم كسائر الخلق فلم أقدموا على هذا الاقتراح الفاسد؟ ونظيره أن من اقترح عليك اقتراحات عظيمة فإنك تقول له: لست بسلطان البلد حتى نقبل منك هذه الاقتراحات الهائلة فلم تقدم عليها؟
ويؤكده أن الضمير يجب عوده على أقرب المذكورات، وهو في الآية أولئك الكفار لانهم المراد بالظالمين في قوله تعالى: " بئس للظالمين بدلا " انتهى.
وفيه أن فيه خرق السياق بتعليق مضمون الآية بما تعرض به في قوله: " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " بنحو الإشارة قبل ثلاث وعشرين آية وقد تحول وجه الكلام بالانعطاف على أول السورة مرة بعد مرة بالتمثيل بعد التمثيل والتذكير بعد التذكير فما احتمله من المعني في غاية البعد.
على أن ما ذكره من اقتراحهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن لم تطرد هؤلاء الفقراء من مجلسك لم نؤمن بك " ليس باقتراح فيه مداخلة في تدبير أمر العالم حتى يرد عليهم بمثل قوله " ما أشهدتهم " الخ بل اشتراط لايمانهم بطرد أولئك من غير أن يبتني على دعوى ترد بمثل ذلك، نعم لو قيل: اطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء واكتفي به لكان لما قاله بعض الوجه.
وكأن التنبه لهذه النكتة دعا بعضهم إلى توجيه معني الآية على تقدير رجوع