على سبيل المنازعة والمشاجرة والآية إلى تمام ست آيات مسوقة للتهديد بالعذاب بعد التذكيرات السابقة.
قوله تعالى: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم و " يستغفروا " عطف على قوله: " يؤمنوا " أي وما منعهم من الايمان والاستغفار حين مجئ الهدى.
وقوله: " إلا أن تأتيهم سنة الأولين " أي إلا طلب أن تأتيهم السنة الجارية في الأمم الأولين وهي عذاب الاستئصال، وقوله: " أو يأتيهم العذاب قبلا " عطف على سابقه أي أو طلب أن يأتيهم العذاب مقابلة وعيانا ولا ينفعهم الايمان حينئذ لأنه إيمان بعد مشاهدة البأس الإلهي قال تعالي: " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده ": المؤمن: 85.
فمحصل المعنى أن الناس لا يطلبون إيمانا ينفعهم والذي يريدونه أن يأخذهم عذاب الاستئصال على سنة الأولين فيهلكوا ولا يؤمنوا أو يقابلهم العذاب عيانا فيؤمنوا اضطرارا فلا ينفعهم الايمان.
وهذا المنع والاقتضاء في الآية أمر ادعائي يراد به أنهم معرضون عن الحق لسوء سريرتهم فلا جدوى للاطناب الذي وقع في التفاسير في صحة ما مر من التوجيه والتقدير إشكالا ودفعا.
قوله تعالى: " وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين " الخ تعزية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يضيق صدره من إنكار المنكرين وإعراضهم عن ذكر الله فما كانت وظيفة المرسلين إلا التبشير والانذار وليس عليهم وراء ذلك من بأس ففيه انعطاف إلى مثل ما مر في قوله في أول السورة: " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا وفي الآية أيضا نوع تهديد للكفار المستهزئين.
والدحض الهلاك والادحاض الاهلاك والابطال والهزوء الاستهزاء والمصدر بمعنى اسم المفعول ومعنى الآية ظاهر.