تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٣٢٧
وهذه حجه برهانية غير جدلية عند من أجاد النظر وأمعن في التدبر حتى لا يختلط عنده هذه الألعوبة الكاذبة التي نسميها تدبيرا بالتدبير الكوني الذي لا يلحقه خطأ ولا ضلال، وكذا الظنون والمزاعم الواهية التي نتداولها ونركن إليها بالعلم العياني الذي هو حقيقة العلم وكذا العلم بالأمور الغائبة عنا بالظفر على أماراتها الأغلبية بالعلم بالغيب الذي يتبدل به الغيب شهادة.
والثانية أن كل نوع من أنواع المخلوقات متوجه بفطرته نحو كماله المختص بنوعه وهذا ضروري عند من تتبعها وأمعن النظر في حالها فالهداية الإلهية عامة للجميع كما قال: " الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " طه: 50 والشياطين أشرار مفسدون مضلون فتصديهم تدبير شئ من السماوات والأرض أو الانسان - ولن يكون إلا بإذن من الله سبحانه - مؤد إلى نقضه السنة الإلهية من الهداية العامة أي توسله تعالى إلى الاصلاح بما ليس شأنه إلا الافساد وإلى الهداية بما خاصته الاضلال وهو محال.
وهذا معنى قوله سبحانه: " وما كنت متخذ المضلين عضدا: " الظاهر في أن سنته تعالى أن لا يتخذ المضلين عضدا فافهم.
وفي قوله: " ما أشهدتهم وقوله " وما كنت " ولم يقل: ما شهدوا وما كانوا دلالة على أنه سبحانه هو القاهر المهيمن عليهم على كل حال: والقائلون بإشراك الشياطين أو الملائكة أو غيرهم بالله في أمر التدبير لم يقولوا باستقلالهم في ذلك بل بأن أمر التدبير مملوك لهم بتمليك من الله تعالى مفوض إليهم بتفويض منه وأنهم أرباب وآلهة والله رب الأرباب وإله الالهة.
وما تقدم من معنى الآية مبنى على حمل الاشهاد على معناه الحقيقي وإرجاع الضميرين في " ما أشهدتهم " و " أنفسهم " إلى إبليس وذريته كما هو الظاهر المتبادر من السياق، وللمفسرين أقوال اخر.
منها قول بعضهم: إن المراد من الاشهاد في خلقها المشاورة مجازا فإن أدنى مراتب الولاية على شئ أن يشاوره في أمره والمراد بنفي الاعتضاد نفي سائر مراتب الاستعاني المؤدي إلى الولاية والسلطة على المولى عليه بوجه ما فكأنه قيل: ما شاورتهم
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396