تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٣٢٥
ودقتها ولا كبيرة لكبرها ووضوحها، والمقام مقام الاستفزاع في صورة التعجيب واحصاء الصغيرة على صغرها ودقتها أقرب إليه من غيرها.
وقوله: " ووجدوا ما عملوا حاضرا " ظاهر السياق كون الجملة تأسيسا لا عطف تفسير لقوله: " لا يغادر صغيرة ولا كبيرة " الخ وعليه فالحاضر عندهم نفس الأعمال بصورها المناسبة لها لا كتابتها كما هو ظاهر أمثال قوله: " يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون " التحريم: 7، ويؤيده قوله بعده: " وما يظلم ربك أحدا " فإن انتفاء الظلم بناء على تجسم الأعمال أوضح لان ما يجزون به إنما هو عملهم يرد إليهم ويلحق بهم لا صنع في ذلك لاحد فافهم ذلك.
قوله تعالى: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " تذكير ثان لهم بما جرى بينه تعالى وبين إبليس حين أمر الملائكة بالسجود لأبيهم آدم فسجدوا الا إبليس كان من الجن فتمرد عن أمر ربه.
أي واذكر هذه الواقعة حتى يظهر لهم أن إبليس - وهو من الجن - وذريته عدو لهم لا يريدون لهم الخير فلا ينبغي لهم أن يفتتنوا بما يزينه لهم هو وذريته من ملاذ الدنيا وشهواتها والاعراض عن ذكر الله ولا أن يطيعوهم فيما يدعونهم إليه من الباطل.
وقوله: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو " تفريع على محصل الواقعة والاستفهام للانكار أي ويتفرع على الواقعة أن لا تتخذوه وذريته أولياء والحال انهم أعداء لكم معشر البشر، وعلى هذا فالمراد بالولاية ولاية الطاعة حيث يطيعونه وذريته فيما يدعونهم فقد اتخذوهم مطاعين من دون الله، وهكذا فسرها المفسرون.
وليس من البعيد أن يكون المراد بالولاية ولاية الملك والتدبير وهو الربوبية فإن الوثنية كما يعبدون الملائكة طمعا في خيرهم كذلك يعبدون الجن اتقاء من شرهم، وهو سبحانه يصرح بأن إبليس من الجن وله ذرية وأن ضلال الانسان في صراط سعادته وما يلجمه من أنواع الشقاء إنما هو بإغواء الشيطان فالمعنى أفتتخذونه وذريته آلهة وأربابا من دوني تعبدونهم وتتقربون إليهم وهم لكم عدو؟
ويؤيده الآية التالية فإن عدم إشهادهم الخلقة انما يناسب انتفاء ولاية التدبير عنهم لا انتفاء ولاية الطاعة وهو ظاهر.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396