عنه بل تلبس الانسان منها بما تلبس فانتسب إليه بمشيته ولو لم يشأ لم يملك الانسان شيئا من ذلك فليس للانسان ان يستقل عنه تعالى في شئ من نفسه وآثار نفسه ولا لشئ من الأسباب الكونية ذلك.
يقول: انك ذاك التراب ثم المني الذي ما كان يملك من الانسانية والرجولية وآثار ذلك شيئا والله سبحانه هو الذي آتاكها بمشيته وملكها إياك وهو المالك لما ملكك فما لك تكفر به وتستر ربوبيته؟ وأين أنت والاستقلال؟
قوله تعالى: " لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا القراءة المشهورة " لكن " بفتح النون المشددة من غير الف في الوصل واثباتها وقفا، واصله على ما ذكروه " لكن أنا " حذفت الهمزة بعد نقل فتحتها إلى النون وأدغمت النون في النون فالوصل بنون مشددة مفتوحة من غير الف والوقف بالألف كما في " أنا " ضمير التكلم.
وقد كرر في الآية لفظ " ربى " والثاني من وضع الظاهر موضع المضمر وحق السياق " ولا أشرك به أحدا " وذلك للإشارة إلى علة الحكم بتعليقه بالوصف كأنه قال:
ولا أشرك به أحدا لأنه ربي ولا يجوز الاشراك به لربوبيته. وهذا بيان حال من المؤمن قبال ما ادعاه الكافر لنفسه والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله " من تتمة قول المؤمن لصاحبه الكافر، وهو تحضيض وتوبيخ لصاحبه إذ قال لما دخل جنته:
" ما أظن أن تبيد هذه أبدا " وكان عليه أن يبدله من قوله: " ما شاء الله لا قوه إلا بالله " فينسب الامر كله إلى مشية الله ويقصر القوة فيه تعالى مبنيا على ما بينه له أن كل نعمة بمشية الله ولا قوة إلا به.
وقوله: " ما شاء الله " إما على تقدير: الامر ما شاءه الله، أو على تقدير: ما شاءه الله كائن، وما على التقديرين موصولة ويمكن أن تكون شرطية والتقدير ما شاءه الله كان، والاوفق بسياق الكلام هو أول التقادير لان الغرض بيان رجوع الأمور إلى مشية الله تعالى قبال من يدعي الاستقلال والاستغناء.
وقوله: " لا قوة إلا بالله " يفيد قيام القوة بالله وحصر كل قوة فيه بمعنى أن ما