شيئا بل أثمرت ما في وسعها من ذلك وقوله: " وفجرنا خلالهما نهرا أي شققنا " وسطهما نهرا من الماء يسقيهما ويرفع حاجتهما إلى الشرب بأقرب وسيله من غير كلفة.
قوله تعالى: " وكان له ثمر " الضمير للرجل والثمر أنواع المال كما في الصحاح وعن القاموس، وقيل الضمير للنخل والثمر ثمره وقيل المراد كان للرجل ثمر ملكه من غير جنته.
وأول الوجوه أوجهها ثم الثاني ويمكن ان يكون المراد من إيتاء الجنتين اكلها من غير ظلم بلوغ أشجارهما في الرشد مبلغ الاثمار وأوانه، ومن قوله:
" وكان له ثمر " وجود الثمر على أشجارهما بالفعل كما في الصيف وهو وجه خال عن التكلف.
قوله تعالى: " فقال: " لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا واعز نفرا المحاورة المخاطبة والمراجعة في الكلام، والنفر الاشخاص يلازمون الانسان نوع ملازمة سموا نفرا لانهم ينفرون معه ولذلك فسره بعضهم بالخدم والولد، وآخرون بالرهط والعشيرة، والأول أوفق بما سيحكيه الله تعالى من قول صاحبه له: " إن ترن انا أقل منك مالا وولدا " حيث بدل النفر من الولد، والمعنى فقال الذي جعلنا له الجنتين لصاحبه والحال انه يحاوره: " انا أكثر منك مالا واعز نفرا أي ولدا وخدما.
وهذا الذي قاله لصاحبه يحكى عن مزعمة خاصه عنده منحرفة عن الحق فإنه نظر إلى نفسه وهو مطلق التصرف فيما خوله الله من مال وولد لا يزاحم فيما يريده في ذلك فاعتقد انه مالكه وهذا حق لكنه نسى ان الله سبحانه هو الذي ملكه وهو المالك لما ملكه والذي سخره الله له وسلطه عليه من زينة الحياة الدنيا التي هي فتنة وبلاء يمتحن بها الانسان ليميز الله الخبيث من الطيب بل اجتذبت الزينة نفسه إليها فحسب أنه منقطع عن ربه مستقل بنفسه فيما يملكه، وان التأثير كله عند الأسباب الظاهرية التي سخرت له.
فنسي الله سبحانه وركن إلى الأسباب وهذا هو الشرك ثم التفت إلى نفسه فرأى أنه يتصرف في الأسباب مهيمنا عليها فظن ذلك كرامة لنفسه وأخذه الكبر فاستكبر على صاحبه، وإلى ذلك يرجع اختلاف الوصفين أعني وصفه تعالى لملكه إذ قال:
" جعلنا لأحدهما جنتين " الخ ولم يقل: كان لأحدهما جنتان، ووصف الرجل نفسه