ظهر في مخلوقاته تعالى من القوة القائمة بها فهو بعينه قائم به من غير أن ينقطع ما أعطاه منه فيستقل به الخلق قال تعالى: " أن القوة لله جميعا " البقرة: 165.
وقد تم بذلك الجواب عما قاله الكافر لصاحبه وما قاله عند ما دخل جنته.
قوله تعالى: " إن ترن انا أقل منك ما لا وولدا فعسى " إلى آخر الآيتين قال في المجمع: أصل الحسبان السهام التي ترمي لتجرى في طلق واحد وكان ذلك من رمي الأساورة وأصل الباب الحساب، وإنما يقال لما يرمي به: حسبان لأنه يكثر كثرة الحساب. قال: والزلق الأرض الملساء المستوية لا نبات فيها ولا شئ وأصل الزلق ما تزلق عنه الاقدام فلا تثبت عليه. انتهى.
وقد تقدم أن الصعيد هو سطح الأرض مستويا لا نبات عليه: والمراد بصيرورة الماء غورا صيرورته غائرا ذاهبا في باطن الأرض.
والآيتان كما تقدمت الإشارة إليه رد من المؤمن لصاحبه الكافر من جهة ما استعلى عليه بأنه أكثر منه مالا وأعز نفرا، وما أورده من الرد مستخرج من بيانه السابق ومحصله أنه لما كانت الأمور بمشيه الله وقوته وقد جعلك أكثر مني مالا وأعز نفرا فالامر في ذلك إليه لا إليك حتى تتبجح وتستعلي على فمن الممكن المرجو أن يعطيني خيرا من جنتك ويخرب جنتك فيديرني إلى حال أحسن من حالك اليوم ويديرك إلى حال أسوء من حالي اليوم فيجعلني أغنى منك بالنسبة إلي ويجعلك أفقر مني بالنسبة إليك. والظاهر أن تكون " ترن " في قوله: " ان ترن أنا أقل " الخ من الرأي بمعنى الاعتقاد فيكون من أفعال القلوب، و " أنا " ضمير فصل متخلل بين مفعوليه اللذين هما في الأصل مبتدأ وخبر، ويمكن أن يكون من الرؤية بمعنى الابصار فأنا ضمير رفع أكد به مفعول " ترن " المحذوف من اللفظ.
ومعنى الآية ان ترني أنا أقل منك مالا وولدا فلا بأس والامر في ذلك إلى ربي فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها أي على جنتك مرامي من عذابه السماوي كبرد أو ريح سموم أو صاعقة أو نحو ذلك فتصبح أرضا خالية ملساء لا شجر عليها ولا زرع، أو يصبح ماؤها غائرا فلن تستطيع أن تطلبه لامعانه في الغور.