تقدمت الإشارة إليه ومن فروع شركه استبعاده قيام الساعة وتردده فيه.
وأما ما ذكره في الكشاف أنه جعله كافرا بالله جاحدا لا نعمه لشكه في البعث كما يكون المكذب بالرسول كافرا فغير سديد كيف؟ وهو يذكر في استدراكه نفي الشرك عن نفسه، ولو كان كما قال لذكر فيه الايمان بالمعاد.
فإن قلت: الآيات صريحة في شرك الرجل والمشركون ينكرون المعاد. قلت لم يكن الرجل من المشركين بمعنى عبدة الأصنام وقد اعترف في خلال كلامه بما لا تجيزه أصول الوثنية فقد عبر عنه سبحانه بقوله: " ربي " ولا يراه الوثنيون ربا للانسان ولا إلها معبودا وإنما هو عندهم رب الأرباب وإله الالهة، ولم ينف المعاد من أصله كما تقدمت الإشارة إليه بل تردد فيه واستبعده بالاعراض عن التفكر فيه ولو نفاه لقال:
ولو رددت ولم يقل: ولئن رددت إلى ربي.
فما يذكر لامره من الأثر السئ في الآية إنما هو لشركه بمعنى نسيانه ربه ودعواه الاستقلال لنفسه وللأسباب الظاهرية ففيه عزله تعالى عن الربوبية والقاء زمام الملك والتدبير إلى غيره فهذا هو أصل الفساد الذي عليه ينشأ كل فرع فاسد سواء اعترف معه بلسانه بالتوحيد أو أنكره وأثبت الالهة، قال الزمخشري في قوله تعالى قال: " ما أظن أن تبيد هذه ابدا " ونعم ما قال: وترى أكثر الأغنياء من المسلمين وان لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم فإن السنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه. انتهى.
وقد أبطل هذا المؤمن دعوى صاحبه الكافر بقوله: " أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا " بإلفات نظره إلى أصله وهو التراب ثم النطفة فإن ذلك هو أصل الانسان فما زاد على ذلك حتى يصير الانسان انسانا سويا ذا صفات وآثار من موهبة الله محضا لا يملك أصله شيئا من ذلك، ولا غيره من الأسباب الظاهرية الكونية فإنها أمثال الانسان لا تملك شيئا من نفسها وآثار نفسها الا بموهبة من الله سبحانه.
فما عند الانسان وهو رجل سوي من الانسانية وآثارها من علم وحياة وقدرة وتدبير يسخر بها الأسباب الكونية في سبيل الوصول إلى مقاصده ومآربه كل ذلك مملوكه لله محضا، آتاها الانسان وملكه إياها ولم يخرج بذلك عن ملك الله ولا انقطع