الزمخشري في الكشاف: ان قوله: " لا تعد عيناك عنهم " بتضمين عدا معنى نبا وعلا في قولك: نبت عنه عينه وعلت عنه عينه إذا اقتحمته ولم تعلق به، ولولا ذلك لكان من الواجب ان يقال: ولا تعدهم عيناك.
وقوله تعالى: " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " المراد باغفال قلبه تسليط الغفلة عليه وإنسائه ذكر الله سبحانه على سبيل المجازاة حيث إنهم عاندوا الحق فأضلهم الله باغفالهم عن ذكره فإن كلامه تعالى في قوم هذه حالهم نظير ما سيأتي في ذيل الآيات من قوله: " إنا جعلنا على قلوبهم أكنة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا ابدا. فلا مساغ لقول من قال: إن الآية من أدلة جبره تعالى على الكفر والمعصية وذلك لان الالجاء مجازاة لا ينافي الاختيار والذي ينافيه هو الالجاء ابتداء ومورد الآية من القبيل الأول.
ولا حاجة إلى تكلف التأويل كقول من قال: إن المراد بقوله: " أغفلنا قلبه " عرضناه للغفلة أو ان المعنى صادفناه غافلا أو أريد به نسبناه إلى الغفلة أو ان الاغفال بمعنى جعله غفلا لا سمة له ولا علامة والمراد جعلنا قلبه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنين ولم نعلم فيه علامة المؤمنين لتعرفه الملائكة بتلك السمة. فالجميع كما ترى.
وقوله تعالى: " واتبع هواه وكان أمره فرطا " قال في المجمع: الفرط التجاوز للحق والخروج عنه من قولهم " أفرط إفراطا إذا أسرف انتهى، واتباع الهوى والافراط من آثار غفلة القلب، ولذلك كان عطف الجملتين على قوله: " أغفلنا " بمنزلة عطف التفسير.
قوله تعالى: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " عطف على ما عطف عليه قوله " واتل ما أوحي إليك " وقوله: " واصبر نفسك " فالسياق سياق تعداد وظائف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبال كفرهم بما انزل إليه وإصرارهم عليه والمعنى لا تأسف عليهم واتل ما أوحي إليك واصبر نفسك مع هؤلاء المؤمنين من الفقراء، وقل للكفار: الحق من ربكم ولا تزد على ذلك فمن شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء