بيان الآيات تتضمن مثلين يبينان حقيقة ما يملكه الانسان في حياته الدنيا من الأموال والأولاد وهي زخارف الحياة وزيناتها الغارة السريعة الزوال والفناء التي تتزين بها للانسان فتلهيه عن ذكر ربه وتجذب وهمه إلى أن يخلد إليها ويعتمد عليها فيخيل إليه أنه يملكها ويقدر عليها حتى إذا طاف عليها طائف من الله سبحانه فنت وبادت ولم يبق للانسان منها إلا كحلمة نائم وأمنية كاذبة.
فالآيات ترجع الكلام إلى توضيح ما أشار سبحانه إليه في قوله: " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها - إلى قوله - صعيدا جرزا " من الحقيقة.
قوله تعالى: " واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب " الخ أي واضرب لهؤلاء المتولهين بزينة الحياة الدنيا المعرضين عن ذكر الله مثلا ليتبين لهم أنهم لم يتعلقوا في ذلك إلا بسراب وهمي لا واقع له.
وقد ذكر بعض المفسرين أن الذي يتضمنه المثل قصة مقدرة مفروضة فليس من الواجب أن يتحقق مضمون المثل خارجا، وذكر آخرون أنه قصة واقعة، وقد رووا في ذلك قصصا كثيرة مختلفة لا معول عليها غير أن التدبر في سياق القصة بما فيها من كونهما جنتين اثنتين وانحصار أشجارهما في الكرم والنخل ووقوع الزرع بينهما وغير ذلك يؤيد كونها قصة واقعة.
وقوله: " جنتين من أعناب " أي من كروم فالثمرة كثيرا ما يطلق على شجرتها وقوله: " وحففناهما بنخل " أو جعلنا النخل محيطة بهما حافة من حولهما وقوله:
" وجعلنا بينهما زرعا " أي بين الجنتين ووسطهما، وبذلك تواصلت العمارة وتمت واجتمعت له الأقوات والفواكه.
قوله تعالى كلتا الجنتين آتت أكلها " الآية الاكل بضمتين المأكول، والمراد بايتائهما الاكل إثمار أشجارهما من الاعناب والنخيل.
وقوله: " ولم تظلم منه شيئا " الظلم النقص، والضمير للاكل أي ولم تنقص من أكله