ووجه الشئ ما يواجهك ويستقبلك به والأصل في معناه الوجه بمعنى الجارحة، ووجهه تعالى أسماؤه الحسنى وصفاته العليا التي بها يتوجه إليه المتوجهون ويدعوه الداعون ويعبده العابدون قال تعالى: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " الأعراف 180، واما الذات المتعالية فلا سبيل إليها، وإنما يقصده القاصدون ويريده المريدون لأنه إله رب علي عظيم ذو رحمة ورضوان إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته.
والداعي لله المريد وجهه إن أراد صفاته تعالى الفعلية كرحمته ورضاه وإنعامه وفضله فإنما يريد أن تشمله وتغمره فيتلبس بها نوع تلبس فيكون مرحوما ومرضيا عنه ومنعما بنعمته وإن أراد صفاته غير الفعلية كعلمه وقدرته وكبريائه وعظمته فإنما يريد أن يتقرب إليه تعالى بهذه الصفات العليا، وإن شئت فقل: يريد ان يضع نفسه موضعا تقتضيه الصفة الإلهية كان يقف موقف الذلة والحقارة قبال عزته وكبريائه وعظمته تعالى، ويقف موقف الجاهل العاجز الضعيف تجاه علمه وقدرته وقوته تعالى وهكذا فافهم ذلك.
وبذلك يظهر ما في قول بعضهم: إن المراد بالوجه هو الرضى والطاعة المرضية مجازا لان من رضى عن شخص اقبل عليه ومن غضب يعرض عنه، وكذا قول بعضهم:
المراد بالوجه الذات والكلام على حذف مضاف، وكذا قول بعضهم: المراد بالوجه التوجه والمعنى يريدون التوجه إليه والزلفى لديه هذا.
والمراد بدعائهم ربهم بالغداة والعشي الاستمرار على الدعاء والجرى عليه دائما لان الدوام يتحقق بتكرر غداه بعد عشي وعشي بعد غداة على الحس فالكلام جار على الكناية. وقيل: المراد بدعاء الغداة والعشي صلاة طرفي النهار وقيل: الفرائض اليومية وهو كما ترى.
وقوله تعالى: " ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا " أصل معنى العدو كما صرح به الراغب التجاوز وهو المعنى الساري في جميع مشتقاته وموارد استعمالاته قال في القاموس: يقال: عدا الامر وعنه جاوزه وتركه انتهى فمعنى " لا تعد عيناك عنهم " لا تجاوزهم ولا تتركهم عيناك والحال انك تريد زينة الحياة الدنيا.
لكن ذكر بعضهم ان المجاوزة لا تتعدى بعن إلا إذا كان بمعنى العفو، ولذا قال