تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٨٥
دون هذه الشدة وان كان على هذه الشدة.
والمعنى تبين لكم كيف فعلنا بهم والحال انهم مكروا ما في وسعهم من المكر والله محيط بمكرهم وان كان مكرهم عظيما موجبا لزوال الجبال.
وربما قيل إن إن نافية واللام هي الداخلة على المنفى والمراد بالجبال الآيات والمعجزات كناية والمعنى وما كان مكرهم لتبطل به آيات الله ومعجزاته التي هي كالجبال الراسيات التي لا تزول عن مكانها وأيد هذا المعنى بقراءة ابن مسعود وما كان مكرهم وهو معنى بعيد.
وقرئ أيضا لتزول بفتح اللام الأولى وضم اللام الثانية وعلى هذا تكون ان مخففة من المشددة والمعنى والتحقيق ان مكرهم كان من العظمة بحيث تزول منه الجبال قوله تعالى: " فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ان الله عزيز ذو انتقام " تفريع على ما تقدم ان ترك مؤاخذة الظالمين بعملهم انما هو لتأخيرهم إلى يوم القيامة أي إذا كان الامر كذلك فلا تحسبن الله مخلفا لما وعد رسله من نصرهم ومؤاخذة المتخلفين عن دعوتهم وكيف يخلف وعده وهو عزيز ذو انتقام شديد ولازم عزته المطلقة أن لا يخلف وعده فان اخلاف الوعد اما لكون الواعد غير قادر على انجاز ما وعده أو لتغير من الرأي بعروض حال ثانية تقهره على خلاف ما بعثته إليه الحال الأولى التي أوجبت عليه الوعد والله سبحانه عزيز على الاطلاق لا يتصف بعجز ولا تقهره حال ولا شئ آخر وهو الواحد القهار.
ولازم اتصافه بالانتقام ان ينتقم للحق ممن استكبر عنه واستعلى عليه وينتصف للمظلوم من الظالم.
وذو انتقام من أسمائه تعالى الحسنى التي سمى الله تعالى بها نفسه في مواضع من كلامه وقارنه في جميعها باسمه العزيز قال تعالى: " والله عزيز ذو انتقام " آل عمران:
4 المائدة: 95 وقال: " أليس الله بعزيز ذو انتقام " الزمر: 37 وقال في الآية المبحوث عنها ان الله عزيز ذو انتقام ومن ذلك يظهر ان ذا انتقام من فروع اسم العزيز.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست