القهار " الظرف متعلق بقوله ذو انتقام وتخصيص انتقامه تعالى بيوم القيامة مع عمومه لجميع الأوقات والظروف انما هو لكون اليوم اعلى مظاهر الانتقام الإلهي كما أن تخصيص بروزهم لله بذلك اليوم كذلك وعلى هذا النسق جل الأوصاف المذكورة في كلامه تعالى ليوم القيامة كقوله: " الامر يومئذ لله " الانفطار: 19 وقوله: " ما لكم من الله من عاصم " المؤمن: 33 إلى غير ذلك وقد تقدمت الإشارة إليه كرارا.
والظاهر أن اللام في الأرض للعهد في الموضعين معا وكذا في السماوات والسماوات معطوفة على الأرض الأولى والمعنى تبدل هذه الأرض غير هذه الأرض وتبدل هذه السماوات غير هذه السماوات.
وللمفسرين في معنى تبدل الأرض والسماوات أقوال مختلفة فقيل تبدل الأرض فضة والسماوات ذهبا وربما قيل إن الأرض تبدل من ارض نقية كالفضة والسماوات كذلك.
وقيل تبدل الأرض نارا والسماوات جنانا.
وقيل تبدل الأرض خبزة نقية تأكل الناس منها طول يوم القيامة.
وقيل تبدل الأرض لكل فريق مما يقتضيه حاله فتبدل لبعض المؤمنين خبزة يأكل منها ما دام في العرصات ولبعض آخر فضة وتبدل للكافر نارا.
وقيل التبديل هو انه يزاد في الأرض وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وتمد مد الأديم وتصير مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وتتغير السماوات بذهاب الشمس والقمر والنجوم وبالجملة يتغير كل من الأرض والسماوات عما هو عليه في الدنيا من الصفات والاشكال.
ومنشأ اختلافهم في تفسير التبديل اختلاف الروايات الواردة في تفسير الآية مع إن الروايات لو صحت واتصلت كان اختلافها أقوى شاهد على أن ظاهرها غير مراد وان بياناتها واقعة موقع التمثيل للتقريب.
والتدبر الكافي في الآيات التي تحوم حول تبديل الأرض والسماء يفيد إن أمر التبديل أعظم مما نتصوره من بسط الجبل على السهل أو تبديل التراب فضة أو خبزا