ويجمع بها شمله أو عبادية تبلغ بالانسان غاية كماله من المعرفة والصلاح في مجتمع صالح فإنها جميعا يجب ان يتلقاها الانسان من طريق نبوة الهية ووحى سماوي لا غير.
وبهذه الأصول الماضية يتبين ان التكليف الإلهي يلازم الانسان ما عاش في هذه النشأة الدنيوية سواء كان في نفسه ناقصا لم يكمل وجودا بعد أو كاملا علما وعملا اما لو كان ناقصا فظاهر واما لو كان كاملا فلان معنى كماله أن يحصل له في جانبي العلم والعمل ملكات فاضلة يصدر عنها من الأعمال المعاملية ما يلائم المجتمع ويصلحه ويتمكن من كمال المعرفة وصدور الأعمال العبادية الملائمة للمعرفة كما تقتضيه العناية الإلهية الهادية للانسان إلى سعادته.
ومن المعلوم ان تجويز ارتفاع التكليف عن الانسان الكامل ملازم لتجويز تخلفه عن الاحكام والقوانين وهو فيما يرجع إلى المعاملات يوجب فساد المجتمع والعناية الإلهية تأباه وفيما يرجع إلى العبادات يوجب تخلف الملكات عن آثارها فان الافعال مقدمات معدة لحصول الملكات ما لم تحصل وإذا حصلت عادت تلك الأفعال آثارا لها تصدر عنها صدورا لا تخلف فيه.
ومن هنا يظهر فساد ما ربما يتوهم ان الغرض من التكليف تكميل الانسان وايصاله غاية وجوده فإذا كمل لم يكن لبقاء التكليف معنى.
وجه الفساد إن تخلف الانسان عن التكليف الإلهي وان كان كاملا في المعاملات يفسد المجتمع وفيه ابطال العناية الإلهية بالنوع وفي العبادات يستلزم تخلف الملكات عن آثارها وهو غير جائز ولو جاز لكان فيه ابطال الملكة وفيه أيضا ابطال العناية نعم بين الانسان الكامل وغيره فرق في صدور الافعال وهو ان الكامل مصون عن المخالفة لمكان الملكة الراسخة بخلاف غير الكامل والله المستعان