تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٢
وفي قوله سبعا من المثاني والقرآن العظيم من تعظيم أمر الفاتحة والقرآن ما لا يخفى اما القرآن فلتوصيفه من ساحة العظمة والكبرياء بالعظيم واما الفاتحة فلمكان التعبير عنه بالنكرة غير الموصوفة سبعا وفيه من الدلالة على عظمة قدرها وجلالة شأنها ما لا يخفى وقد قوبل بها القرآن العظيم وهى بعضه.
والآية كما تبين في مقام الامتنان وهى مع ذلك لوقوعها في سياق الدعوة إلى الصفح والاعراض تفيد ان في هذه الموهبة العظمى المتضمنة لحقائق المعارف الإلهية الهادية إلى كل كمال وسعادة بإذن الله عدة ان تحملك على الصفح الجميل والاشتغال بربك والتوغل في طاعته.
قوله تعالى: " لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم " إلى قوله المبين الآيتان في مقام بيان الصفح الجميل الذي تقدم الامر به ولذلك جئ بالكلام في صورة الاستئناف.
والمذكور فيهما أربعة دساتير منفيان ومثبتان فقوله لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم مد العينين إلى ما متعوا به من زهرة الحياة الدنيا كناية عن التعدي عن قصر النظر على ما آتاه الله من نعمة والمراد بالأزواج الأزواج من الرجال والنساء أو الأصناف من الناس كالوثنيين واليهود والنصارى والمجوس والمعنى لا تتجاوز عن النظر عما أنعمناك به من النعم الظاهرة والباطنة إلى ما متعنا به أزواجا قليلة أو أصنافا من الكفار.
وربما اخذ بعضهم قوله لا تمدن عينيك كناية عن إطالة النظر وإدامته وأنت تعلم أن الغرض على أي حال النهى عن الرغبة والميل والتعلق القلبي بما في أيديهم من أمتعة الحياة كالمال والشوكة والصيت والذي يكنى به عن ذلك هو النهى عن أصل النظر إليه لا عن إطالته وإدامته ويشهد به ما سننقله من آية الكهف.
وقوله ولا تحزن عليهم أي من جهة تماديهم في التكذيب والاستهزاء واصرارهم على أن لا يؤمنوا بك.
وقوله واخفض جناحك للمؤمنين قالوا هو كناية عن التواضع ولين الجانب والأصل فيه ان الطائر إذا أراد ان يضم إليه افراخه بسط جناحه عليها ثم
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست