تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٤
مضمن معنى الوحي ولذا عدى بإلى كما قيل والمراد بالامر أمر العذاب كما يفسره قوله إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين والإشارة إليه بلفظة ذلك للدلالة على عظم خطره وهول امره.
والمعنى وقضينا أمرنا العظيم في عذابهم موحيا ذلك إلى لوط وهو إن دابر هؤلاء واثرهم الذي من شأنه ان يبقى بعدهم من نسل وبناء وعمل مقطوع حال كونهم مصبحين أو التقدير أوحينا إليه قاضيا الخ.
قوله تعالى: " وجاء أهل المدينة يستبشرون إلى قوله ان كنتم فاعلين " يدل نسبة المجئ إلى أهل المدينة على كونهم جماعة عظيمة يصح عدهم أهل المدينة لكثرتهم.
فالمعنى وجاء إلى لوط أهل المدينة جمع كثير منهم يريدون أضيافه وهم يستبشرون لولعهم بالفحشاء وخاصة بالداخلين في بلادهم من خارج فاستقبلهم لوط مدافعا عن أضيافه قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون بالعمل الشنيع بهم واتقوا الله ولا تخزون قالوا المهاجمون من أهل المدينة ألم نقطع عذرك في ايوائهم أو لم ننهك عن العالمين ان تؤويهم وتشفع فيهم وتدافع عنهم فلما يئس لوط عليه السلام منهم عرض عليهم بناته ان ينصرفوا عن أضيافه بنكاحهن كما تقدم بيانه في سورة هود قال إن هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين.
قوله تعالى: " لعمرك انهم لفى سكرتهم يعمهون " إلى قوله من سجيل " قال في المفردات العمارة ضد الخراب قال والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة فهو دون البقاء فإذا قيل طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه وإذا قيل بقاؤه فليس يقتضى ذلك فان البقاء ضد الفناء ولفضل البقاء على العمر وصف الله به وقلما وصف بالعمر قال والعمر بالضم والعمر بالفتح واحد لكن خص القسم بالعمر بالفتح دون العمر بالضم نحو لعمرك انهم لفى سكرتهم انتهى.
والخطاب في لعمرك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو قسم ببقائه وقول بعضهم انه خطاب من الملائكة للوط عليه السلام وقسم بعمره لا دليل عليه من سياق الآيات.
والعمه هو التردد على حيرة والسجيل حجارة العذاب وقد تقدم تفصيل القول في معناه في تفسير سورة هود.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست