تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٥
والمعنى أقسم بحياتك وبقائك يا محمد انهم لفى سكرتهم وهى غفلتهم بانغمارهم في الفحشاء والمنكر يترددون متحيرين فاخذتهم الصيحة وهى الصوت الهائل مشرقين أي حال كونهم داخلين في اشراق الصبح فجعلنا عالي بلادهم سافلها وفوقها تحتها وأمطرنا وأنزلنا من السماء عليهم حجارة من سجيل.
قوله تعالى: " إن في ذلك لايات للمتوسمين " إلى قوله للمؤمنين الآية العلامة والمراد بالآيات اولا العلامات الدالة على وقوع الحادثة من بقايا الآثار وبالآية ثانيا العلامة الدالة للمؤمنين على حقية الانذار والدعوة الإلهية والتوسم التفرس والانتقال من سيماء الأشياء على حقيقة حالها.
والمعنى ان في ذلك أي فيما جرى من الامر على قوم لوط وفي بلادهم لعلامات من بقايا الآثار للمتفرسين وان تلك العلامات لبسبيل للعابرين مقيم لم تعف ولم تنمح بالكلية بعد أن في ذلك لاية للمؤمنين تدل على حقية الانذار والدعوة وقد تبين بذلك وجه ايراد الآيات جمعا ومفردا في الموضعين قوله تعالى: " وان كان أصحاب الأيكة لظالمين - فانتقمنا منهم وانهما لبإمام مبين " الأيكة واحدة الأيك وهو الشجر الملتف بعضه ببعض فقد كانوا كما قيل في غيضة أي بقعة كثيفة الأشجار.
وهؤلاء كما ذكروا هم قوم شعيب عليه السلام أو طائفة من قومه كانوا يسكنون الغيضة ويؤيده قوله تعالى ذيلا وانهما لبامام مبين أي مكانا قوم لوط وأصحاب الأيكة لفى طريق واضح فان الذي على طريق المدينة إلى الشام هي بلاد قوم لوط وقوم شعيب الخربة أهلكهم الله بكفرهم وتكذيبهم لدعوة شعيب عليه السلام وقد تقدمت قصتهم في سورة هود وقوله فانتقمنا منهم الضمير لأصحاب الأيكة وقيل لهم ولقوم لوط ومعنى الآيتين ظاهر.
قوله تعالى: " ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين إلى قوله ما كانوا يكسبون " أصحاب الحجر هم ثمود قوم صالح والحجر اسم بلدة كانوا يسكنونها وعدهم مكذبين لجميع المرسلين وهم انما كذبوا صالحا المرسل إليهم انما هو لكون دعوة الرسل دعوة واحدة والمكذب لواحد منهم مكذب للجميع.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست