تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٠
الشئ لنفسه ومظروفية الزمان - وهو ظرف بذاته - لزمان آخر، وهو محال لا ينقلب ممكنا بتغيير اللفظ.
وما ذكره من التفرقة بين اليومين بالاطلاق والتحديد مجرد تصوير لا تغني شيئا فان اليوم الذي يأتي فيه ذلك اليوم الموصوف وذلك اليوم الموصوف متساويان إطلاقا وتحديدا وسعة وضيقا، نعم ربما يؤخذ الزمان متحدا بما يقع فيه من الحوادث فيصير حادثا من الحوادث وتلغى ظرفيته فيجعل مظروفا لزمان آخر كما يقال يوم الأضحى في شهر ذي الحجة ويوم عاشوراء في المحرم، قال تعالى: " ويوم تقوم الساعة " الجاثية: 27 فإن صحت هذه العناية في الآية أمكن به أن يعود ضمير يأتي إلى اليوم.
وقوله: " لا تكلم نفس إلا بإذنه " أي لا تتكلم نفس ممن حضر إلا بإذن الله سبحانه، وحذف أحد التائين المجتمعين في المستقبل من باب التفعل شائع قياسي.
والباء في قوله: " بإذنه " للمصاحبة فالاستثناء في الحقيقة من الكلام لا من المتكلم كما في قوله: " لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن " النبأ: 38 والمعنى لا تتكلم نفس بشئ من الكلام إلا بالكلام الذي يصاحب إذنه لا كالدنيا يتكلم فيها الواحد منهم بما أختاره وأراده، أذن فيه الله إذن تشريع أم لم يأذن.
وقد ذكرت الصفة أعني عدم تكلم نفس إلا بإذنه من خواص يوم القيامة المعرفة له، وليست بمختصة به فإنه لا تتكلم أي نفس من النفوس ولا يحدث أي حادث من الحوادث دائما إلا بإذنه من غير أن يختص ذلك بيوم القيامة.
وقد تقدم في بعض أبحاثنا السابقة أن غالب ما ورد في القرآن الكريم من معرفات يوم القيامة في سياق الأوصاف الخاصة به يعمه وغيره كقوله تعالى: " يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ " المؤمن: 16 وقوله: " يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم " المؤمن: 33 وقوله: " يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله " الانفطار:
19 إلى غير ذلك من الآيات، ومن المعلوم أنه تعالى لا يخفى عليه شئ دائما، وليس لشئ منه عاصم دائما، ولا يملك نفس لنفس شيئا إلا بإذنه دائما، وله الخلق والامر دائما.
لكن الذي يهدي إليه التدبر في أمثال قوله تعالى: لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست