تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٩
إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " العنكبوت: 64.
وبالجملة الدنيا دار عمل والبرزخ دار تيهؤ للحساب والجزاء، والآخرة دار حساب وجزاء، قال تعالى: " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا " التحريم: 8 فهم يحضرونه بما كسبوه في الدنيا من النور وهيئوه في البرزخ ثم يسألونه يوم القيامة إتمام نورهم وإذهاب ما معهم من بقايا عالم اللهو واللعب.
وقوله: " وذلك يوم مشهود " كالمتفرع بظاهره على الجملة السابقة. " ذلك يوم مجموع له الناس " إذ الجمع يوجب المشاهدة غير أن اللفظ غير مقيد بالناس وإطلاقه يشعر بأنه مشهود لكل من له أن يشهد كالناس والملائكة والجن، والآيات الكثيرة الدالة على حشر الجن والشياطين وحضور الملائكة هناك يؤيد إطلاق الشهادة كما ذكر.
قوله تعالى: " وما نؤخره إلا لأجل معدود " أي أن لذلك اليوم أجلا قضى الله أن لا يقع قبل حلول أجله والله يحكم لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ولا يؤخر اليوم إلا لأجل يعده فإذا تم العدد وحل الاجل حق القول ووقع اليوم.
قوله تعالى: " يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه " فاعل " يأت " ضمير راجع إلى الاجل السابق الذكر أي يوم يأتي الاجل الذي تؤخر القيامة إليه لا تتكلم نفس إلا بإذنه، قال تعالى: " من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت " العنكبوت: 5.
وذكر بعضهم كما في المجمع أن المعنى يوم يأتي القيامة والجزاء، ولازمه إرجاع الضمير إلى القيامة والجزاء لدلالة سابق الكلام إليه بوجه، وهو تكلف لا حاجه إليه.
وذكر آخرون - كما في تفسير صاحب المنار - أن المعنى في الوقت الذي يجئ فيه ذلك اليوم المعين لا تتكلم نفس من الأنفس الناطقة إلا بإذن الله تعالى فالمراد باليوم في الآية مطلق الوقت أي غير المحدود لأنه ظرف لليوم المحدود الموصوف بما ذكر الذي هو فاعل يأتي.
وهو خطأ لاستلزامه ظرفية اليوم لليوم لعود المعنى حقيقة إلى قولنا: في الوقت الذي يجئ فيه ذلك الوقت المعين أو اليوم الذي يجئ فيه ذلك اليوم المعين، والتفرقة بين اليومين يجعل أحدهما خاصا ومعينا والآخر عاما ومرسلا لا ينفع في دفع محذور ظرفية
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست