وقوله: " لمن تبعك منهم " الخ، اللام للقسم وجوابه هو قوله: " لأملأن جهنم " الخ، لما كان مورد كلام إبليس - وهو في صورة التهديد بالانتقام - هو بني آدم وأنه سيبطل غرض الخلقة فيهم وهو كونهم شاكرين أجابه تعالى بما يفعل بهم وبه فقال: " لمن تبعك منهم " محاذاة لكلامه ثم قال: " لأملأن جهنم منكم أجمعين " أي منك ومنهم فأشركه في الجزاء معهم.
وقد أمتن تعالى في كلمته هذه التي لا بد أن تتم فلم يذكر جميع من تبعه بل أتى بقوله: " منكم " وهو يفيد التبعيض.
قوله تعالى: " ويا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة " إلى آخر الآية. خص بالخطاب آدم عليه السلام وألحق به في الحكم زوجته، وقوله: " فكلا من حيث شئتما " توسعة في إباحة التصرف إلا ما استثناه بقوله: " ولا تقربا هذه الشجرة " والظلم هو الظلم على النفس دون معصية الامر المولوي فإن الامر إرشادي.
قوله تعالى: " فوسوس لهما الشيطان " إلى آخر الآية. الوسوسة هي الدعاء إلى أمر بصوت خفي، والمواراة ستر الشئ بجعله وراء ما يستره، والسوآة جمع السؤة وهي العضو الذي يسوء الانسان إظهاره والكشف عنه، وقوله: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين " الخ، أي إلا كراهة أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
والملك وأن قرئ بفتح اللام إلا أن فيه معنى الملك - بالضم فالسكون - والدليل عليه قوله في موضع آخر: " قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " طه: 120.
ونقل في المجمع عن السيد المرتضى رحمه الله احتمال أن يكون المراد بقوله: " إلا أن تكونا ملكين " الخ، إنه أوهمهما أن المنهي عن تناول الشجرة الملائكة خاصة والخالدون دونهما فيكون كما يقول أحدنا لغيره: ما نهيت عن كذا إلا أن تكون فلانا، وإنما يريد إن المنهي إنما هو فلان دونك، وهذا أوكد في الشبهة واللبس عليهما (انتهى). لكن آية سورة طه المنقولة آنفا تدفعه.
قوله تعالى: " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " المقاسمة المبالغة في القسم أي حلف لهما