والاغلال التي اختلقتها الأوهام والأهواء ثم وضعتها على الناس، جزء معنى الدين المسمى بالاسلام لا أثر من آثاره وحكم من أحكامه حتى تختلف فيه الآراء فيسلمه مسلم، ويرده، راد، ويبحث فيه باحث منصف فيتبع ما أدى إليه جهد نظره.
وبعبارة أخرى: الذي يدعى إليه الناس بمنطق الدين الإلهي هو الشرائع والسنن القائمة بمصالح العباد في حياتهم الدنيوية والأخروية لا أنه يضع مجموعة من معارف وشرائع ثم يدعي أن المصالح الانسانية تطابقه وهو يطابقها فافهم ذلك.
وإياك أن تتوهم أن الدين الإلهي مجموع أمور من معارف وشرائع جافة تقليدية لا روح لها إلا روح المجازفة بالاستبداد، ولا لسان لها إلا لسان التأمر الجاف والتحكم الجافي وقد قضى شارعها بوجوب اتباعها والانقياد لها تجاه ما هيأ لهم بعد الموت من نعيم مخلد للمطيعين منهم، والعذاب المؤبد للعاصين، ولا ربط لها يربطها بالنواميس التكوينية المماسة للانسان الحاكمة في حياته القائمة بشؤونها القيمة بإصلاحها فتعود الأعمال الدينية أغلالا غلت بها أيدي الناس في دنياهم، وأما الآخرة فقد ضمنت إصلاحها إرادة مولوية إلهية فحسب، وليس للمنتحل بالدين في دنياه من سعادة الحياة إلا ما استلذها بالعادة كمن اعتاد بالأفيون والسم حتى عاد يلتذ بما يتألم به المزاج الطبيعي السالم، ويتألم بما يلتذ به غيره.
فهذا من الجهل بالمعارف الدينية، والفرية على ساحة شارعة الطاهرة يدفعه الكلام الإلهي فكم من آية تتبرأ من ذلك بتصريح أو تلويح أو بإشارة أو كناية وغير ذلك.
وبالجملة الكتاب الإلهي يتضمن مصالح العباد، وفيه ما يصلح المجتمع الانساني بإجرائه فيه بل الكتاب الإلهي هو الكتاب الذي يشتمل على ذلك، والدين الإلهي هو مجموع القوانين المصلحة، ومجموع القوانين المصلحة هو الدين فلا يدعو الدين الناس إلا إلى إصلاح أعمالهم وسائر شؤون مجتمعهم ويسمي ذلك إسلاما لله لان من جرى على مجرى الانسان الطبيعي الذي خطه له التكوين فقد أسلم للتكوين ووافقه بأعماله فيما يقتضيه وموافقته والسير على المسير الذي مهده وخطه إسلام لله سبحانه في ما يريده منه.
وليس يدعو الدين إلى متابعة مواد قوانينه ومحتوياته ثم يدعي أن في ذلك