تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٩٨
أو غيره بما أوعد الله الظالمين، وذكره شيئا من سوء عاقبة المجرمين قال: إن الله غفور رحيم يتخلص به من اللوم، ويخلص به إلى صافي لذائذه الدنية فليس ما يتظاهر به رجاء صادقا بل أمنية نفسانية كاذبة، وتسويل شيطاني موبق فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
وقوله: " وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه " أي لم يقنعوا بما أخذوه من العرض بمرة حتى يكون تركهم ذلك ورجوعهم إلى اتقاء محارم الله نحوا من التوبة، وقولهم:
" سيغفر لنا " نوعا من الرجاء يتلبس به التائبون بل كلما وجدوا شيئا من عرض الدنيا أخذوه من غير أن يراقبوا الله تعالى فيه فالجملة أعني قوله: " وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه " في معنى قوله تعالى في وصفهم في موضع آخر: " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه " المائدة: 79.
وقوله: " ودرسوا ما فيه " كأن الواو للحال، والجملة حال عن ضمير " عليهم " وقيل الجملة معطوفة على قوله: " ورثوا الكتاب " في صدر الآية، ولا يخلو من بعد.
والمعنى: " فخلف من بعدهم " أي من بعد هؤلاء الأسلاف من بني إسرائيل وحالهم في تقوى الله واجتناب محارمه ما وصف " خلف ورثوا الكتاب " وتحملوا ما فيه من المعارف والاحكام والمواعظ والعبر، وكان لازمه أن يتقوا ويختاروا الدار الآخرة، ويتركوا أعراض الدنيا الفانية الصارفة عما عند الله من الثواب الدائم " يأخذون عرض هذا الأدنى " وينكبون على اللذائذ الفانية العاجلة، ولا يبالون بالمعصية وإن كثرت " ويقولون سيغفر لنا " قولا بغير الحق ولا يرجعون عن المعصية بالمرة والمرتين بل هم على قصد العود إليها كلما أمكن " وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه " ولا يتناهون عما اقترفوه من المعصية.
" أ لم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب " وهو الميثاق المأخوذ عليهم عند حملهم إياه " أن لا يقولوا على الله إلا الحق " والحال أنهم درسوا ما فيه، وعلموا بذلك أن قولهم:
" سيغفر لنا " قول بغير الحق ليس لهم أن يتفوهوا به، وهو يجرئهم على معاصي الله وهدم أركان دينه. " و " الحال أن " الدار الآخرة خير للذين يتقون " لدوام ثوابها وأمنها من كل مكروه " أ فلا تعقلون ".
(٢٩٨)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست