تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٤
ومعنى " عتوا عن ما نهوا " كفوا عن الصيد الذي نهوا عنه ولا حاجة حينئذ إلى تقدير الترك ونحوه في الكلام ويبقى لبيان عذاب الفرقة الأخرى قوله في الآية السابقة.
ولا مانع من هذا المعنى إلا أن مقتضى المقام أن يذكر السبب لعذاب الساكتين كفهم عن موعظة الفاعلين لا عتوهم عما نهوا عنه مع ما في استعمال العتو في مورد الكف والاعراض من البعد، والرواية مع ذلك ضعيفة وقد رواها الصدوق بالسند بعينه عن طلحة عن أبي جعفر عليه السلام في الآية وفيها: قال: كانوا ثلاثة أصناف:
صنف ائتمروا وأمروا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا، ورواها العياشي عن طلحة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام في الآية قال: افترق القوم ثلاث فرق فرقة انتهت واعتزلت، وفرقة أقامت ولم يقارف الذنوب، وفرقة اقترفت الذنوب فلم ينج من العذاب إلا من انتهت قال جعفر: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما صنع بالذين أقاموا ولم يقارفوا الذنوب؟ قال أبو جعفر عليه السلام:
بلغني أنهم صاروا ذرا، والظاهر أنها جميعا رواية واحدة على ما في سندها من الضعف، وفي متنها من التشويش والاختلاف.
وفي الكافي بإسناده عن إسحاق بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن الله خص عباده بآيتين من كتابة: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا قال الله عز وجل: " أ لم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق " وقال:
" بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ".
أقول: ورواه العياشي عن إسحاق عنه عليه السلام، وروى مثله عن إسحاق بن عبد العزيز عن أبي الحسن الأول عليه السلام.
وفي تفسير القمي في معنى قوله تعالى: " وإذ نتقنا الجبل " الآية قال الصادق عليه السلام: لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى: إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل فقبلوه وطأطئوا رؤوسهم.
وفي الاحتجاج عن أبي بصير قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام جالسا في الحرم وحوله جماعة من أوليائه إذ أقبل طاوس اليماني في جماعة من أصحابه. ثم قال لأبي جعفر عليه السلام: أ تأذن لي في السؤال؟ قال: أذنا لك فاسأل. فسأله عن سؤال
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست