وفي الدر المنثور أخرج أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي قال جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نادى: اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد حظرت رحمة واسعة ان الله خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها، وعنده تسعة وتسعون.
وفيه أخرج أحمد ومسلم عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن لله مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وآخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة.
وفيه أخرج ابن أبي شيبة عن سلمان موقوفا وابن مردويه عن سلمان قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله خلق مائة رحمة يوم خلق السماوات والأرض كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض فأهبط منها رحمة إلى الأرض فبها تراحم الخلائق، وبها تعطف الوالدة على ولدها، وبها تشرب الطير والوحوش من الماء، وبها تعيش الخلائق فإذا كان يوم القيامة انتزعها من خلقه ثم أفاضها على المتقين، وزاد تسعة وتسعين رحمة ثم قرء:
" ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ".
أقول: وهذا المعنى مروي أيضا من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، والرواية الثانية كأنها نقل بالمعنى للرواية الأولى، وقد أفسد الراوي المعنى بقوله: " فإذا كان يوم القيامة انتزعها من خلقه " وليت شعري إذا سلب الرحمة عن غير المتقين من خلقه فبماذا يبقى ويعيش السماوات والأرض والجنة والنار ومن فيها والملائكة وغيرهم ولا رحمة تشملهم.
والأحسن في التعبير ما ورد في بعض رواياتنا - على ما أذكر - أن الله يومئذ يجمع المائة للمؤمنين، وجمع المائة لهم واستعمالها فيهم غير انتزاعها عن غيرهم وتخصيصها بهم فالأول جائز معقول دون الثاني فافهم ذلك.
وفيه أخرج الطبراني عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: والذي نفسي