سورة المائدة آية 20 - 26.
وقوله: " وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا " الآية تقدم الكلام في نظيره من سورة البقرة آية 58 - 59، وقوله: " سنزيد المحسنين " في موضع الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قال: " يغفر لكم خطيئاتكم " قيل: ثم ماذا فقال: " سنزيد المحسنين ".
قوله تعالى: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت " إلى آخر الآية. أي اسأل بني إسرائيل عن حال أهل القرية " التي كانت حاضرة البحر " أي قريبة منه مشرفة عليه من حضر الامر إذا أشرف عليه وشهده " إذ يعدون " ويتجاوزون حدود ما أمر الله به في أمر " السبت " وتعظيمه وترك الصيد فيه " إذ تأتيهم حيتانهم " والسمك الذي في ناحيتهم " يوم سبتهم شرعا " جمع شارع وهو الظاهر البين " ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " أي إن تجاوزهم عن حدود ما أمر به الله كان إذ كانت الحيتان تأتيهم شرعا يوم منعوا من الصيد وأمروا بالسبت، وأما إذا مضى اليوم وأبيح لهم الصيد وذلك غير يوم السبت فكان لا تأتيهم الحيتان وكان ذلك من بلاء الله وامتحانه ابتلاهم بذلك لشيوع الفسق بينهم فبعثهم الحرض على صيدها على مخالفة أمر الله سبحانه، ولم يمنعهم تقوى عن التعدي، ولذلك قال: " كذلك نبلوهم " أي نمتحنهم " بما كانوا يفسقون ".
قوله تعالى: " وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم " إلى آخر الآية، إنما قالت هذه الأمة ما قالت، لامة أخرى منهم كانت تعظهم وتنهاهم عن مخالفة أمر الله في السبت.
فالتقدير: " وإذ قالت أمة منهم لامة أخرى كانت تعظهم " حذف للايجاز وظاهر كلامهم: " لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا " أنهم كانوا أهل تقوى يجتنبون مخالفة الامر إلا أنهم تركوا نهيهم عن المنكر فخالطوهم وعاشروهم ولو كان هؤلاء اللائمون من المتعدين الفاسقين لوعظهم أولئك الملومون، ولم يجيبوهم بمثل قولهم:
معذرة إلى ربكم الخ، وأن المتعدين طغوا في تعديهم وتجاهروا في فسقهم فلم يكونوا لينتهوا بنهي ظاهرا غير أن الأمة التي كانت تعظهم لم ييأسوا من تأثير العظة فيهم، وكانوا