تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٣
هي خير مغفرة ثم سأل حاجته بقوله: " فاغفر لنا وارحمنا " لأنه خير حاجة يرتضي الله من عباده أن يسألوها عنه، ولم يصرح بخصوص حاجته التي بعثته إلى الدعاء، وهي إحياء السبعين الذين أهلكهم الله تذللا واستحياء.
وحاجته هذه مندرجة في قوله: " فاغفر لنا وارحمنا " لا محالة فإن الله سبحانه يذكر في آية سورة البقرة انه بعثهم بعد موتهم، ولم يكن ليحييهم بعد ما أهلكهم إلا بشفاعة موسى عليه السلام ولم يذكر من دعائه المرتبط بحالهم إلا هذا الدعاء فهو إنما سأله ذلك تلويحا بقوله " فاغفر لنا " الخ كما تقدم لا تصريحا.
قوله تعالى: " واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك " أي رجعنا إليك من هاد يهود إذا رجع، وهو أعني قوله: " إنا هدنا إليك " تعليل لهذا الفصل من الدعاء سأل فيه أن يكتب الله أي يقضي لهم بحسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة والمراد بالحسنة لا محالة الحياة والعيشة الحسنة فإن الرجوع إلى الله أي سلوك طريقته والتزام سبيل فطرته يهدي الانسان إلى حياة طيبة وعيشة حسنة في الدنيا والآخرة جميعا، و هذا هو الوجه فيما ذكرنا أن قوله: " إنا هدنا إليك " تعليل لهذا الفصل من دعائه فإن الحياة الطيبة من آثار الرجوع إلى الله، وهي شئ من شأنه أن يرزقوه - لو رزقوا - في مستقبل أمرهم، وهو المناسب للكتابة والقضاء، وأما الفصل الأول من الدعاء أعني قوله: " فاغفر لنا وارحمنا " الخ، فتكفي في تعليله الجمل السابقة عليه، وما احتف به من قوله: " أنت ولينا " وقوله: " وأنت خير الغافرين " ولا يتعلق بقوله: " إنا هدنا إليك " فافهم ذلك.
قوله تعالى: " قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ " هذا جواب منه سبحانه لموسى، وفيه محاذاة لما قدمه موسى قبل مسألته من قوله: " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي "، وقد قيد الله سبحانه إصابة عذابه بقوله: " من أشاء " دون سعة رحمته لان العذاب إنما ينشأ من اقتضاء من قبل المعذبين لا من قبله سبحانه، قال تعالى: " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " النساء: 147 وقال:
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست