تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٨
وقد ظهر مما تقدم أن المراد بقوله: (وعلمتم ما لم تعلموا) مطلق ما ينتهى من المعارف والشرائع إلى الوحي والكتاب لا خصوص ما جاء منه في كتاب موسى عليه السلام وإن كان الذي منه عند اليهود هو معارف التوراة وشرائعه خلافا لبعض المفسرين. وذلك أن لفظ الآية لا يلائم التخصيص فقد قيل: (وعلمتم ما لم تعلموا) الخ، ولم يقل وعلمتم به أو وعلمكم الله به.
وقد قيل: (وعلمتم) الخ، من غير فاعل التعليم لان ذلك هو الأنسب بسياق الاستدلال لان ذكر الفاعل في هذا السياق أشبه بالمصادرة بالمطلوب فكأنه قيل: إن فيما عندكم علوما لا ينتهى إلى اكتسابكم أو اكتساب آبائكم فمن الذي علمكم ذلك؟ ثم أجيب عن مجموع السؤالين بقوله: الله عز اسمه.
قوله تعالى: (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) لما كان الجواب واضحا بينا لا يداخله ريب، والجواب الذي هذا شأنه يسوغ للمستدل السائل أن يتكلفه ولا ينتظر المسؤول المحتج عليه، أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يتصدى هو الجواب فقال: (قل الله) أي الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى والذي علمكم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم هو الله.
ولما كان القول بأن الله لم ينزل على بشر شيئا من لغو القول وهزله الذي لا يتفوه به إلا خائض لاعب بالحقائق وخاصة إذا كان القائل به من اليهود المعترفين بتوراة موسى والمباهين بالعلم والكتاب أمره بأن يدعهم وشأنهم فقال: (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون).
قوله تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها) لما نبه على أن من لوازم الألوهية أن ينزل الوحي على جماعة من البشر هم الأنبياء عليه السلام، وأن هناك كتابا حقا كالتوراة التي جاء بها موسى، وأمورا أخرى علمها البشر لا تنتهى إلا إلى وحى إلهي وتعليم غيبي، ذكر أن هذا القرآن أيضا كتاب إلهي منزل من عنده على حد ما نزل سائر الكتب السماوية، ومن الدليل على ذلك اشتماله على ما هو شأن كتاب سماوي نازل من عند الله سبحانه. ومن هنا يظهر أولا: أن الغرض في المقام متعلق بكون القرآن كتابا نازلا من عند الله تعالى دون من نزل عليه، ولذا قال: كتاب أنزلناه ولم يقل أنزلناه إليك على خلاف موارد أخر كقوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) (ص: 29) وغيره
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346