ليسوا بها بكافرين) وظاهره أنه لا سبيل للكفر إليهم ولم يقل: فقد وكلنا بها قوما يؤمنون بها أو آمنوا بها.
وربما يستفاد من كلمات بعضهم: أن المراد به قيام الايمان بجماعتهم وإن أمكن أن يتخلف عن إقامته آحاد منهم وبعبارة أخرى قوله: (ليسوا بها بكافرين) وصف للمجتمع ولا ينافي خروج بعض الابعاض اتصاف المجتمع بوصفه القائم بالمجموع من حيث هو مجموع، والمؤمنون به صلى الله عليه وآله وسلم من الأنصار أو منهم ومن المهاجرين أو الصحابة ثبت الايمان فيهم ثبوتا من غير زوال وإن زال عن بعض أفرادهم.
وهذا الوجه لو تم لدل على أن المراد بالقوم جميع الأمة المسلمة أو المؤمنون من جميع الأمم، ولا دليل من تخصيصه بقوم دون قوم، و اختصاص بعضهم بمزايا وكرامات دينية كتقدم المهاجرين في الايمان بالله والصبر على الأذى في جنب الله، أو تبوء الأنصار الدار والايمان وإعلاؤهم كلمة التوحيد لا يوجب إلا فضل اتصافهم بهذا النعت لا اختصاصه بهم وحرمان غيرهم منه مع مشاركته إياهم في معناه.
إلا أنه يرد على هذا الوجه: أن المألوف من كلامه في الأوصاف الاجتماعية التي لا تستوعب جميع أفراد المجتمع أن يستثنى المتخلفين عنها لو كان هناك متخلف أو يأتي بما في معنى الاستثناء كقوله: (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا) (التين: 6).
و قوله: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم - إلى أن قال - وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) (الفتح: 29) وقوله: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار - إلى أن قال - إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله) (النساء: 146) وقوله: (كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم - إلى أن قال - إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) (آل عمران: 89) وهذا المعنى كثير دائر في القرآن الكريم فما بال قوله: (قوما ليسوا بها بكافرين) لم يستثن منه المتخلف عن الوصف من القوم مع وجوده فيهم.
وأغرب منه قول بعضهم: إن المراد بوصف القوم بأنهم ليسوا بها بكافرين - والقوم