بمعنى الطريقة كما ينسبان إلى الله سبحانه وآياته قال تعالى: (وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به) (الجن: 13) وقال: (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (البقرة: 38).
وعلى الوجه الثاني: فإن يكفر بالكتاب والحكم والنبوة - وهى التي تشتمل على الطريقة الإلهية والدعوة الدينية - مشركو مكة فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين.
وأما أن هؤلاء القوم من هم: - وفي تنكير اللفظ دلالة على أن لهم خطرا عظيما - فقد اختلف فيهم أقوال المفسرين:
فمن قائل: إن المراد بهم الأنبياء المذكورون في الآيات السابقة وهم ثمانية عشر نبيا أو مطلق الأنبياء المذكورين بأسمائهم أو بنعوتهم في قوله: (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم)، وفيه أن سياق اللفظ لا يلائمه إذ ظاهر قوله: (ليسوا بها بكافرين) نفى الحال أو الاستمرار في النفي والمذكورون من الأنبياء عليهم السلام يكونوا موجودين حال الخطاب ولو كان المراد ذلك لكان المتعين أن يقال: لم يكونوا بها بكافرين، وليس رسول الله صلى الله عليه وآله معدودا منهم بحسب هذه العناية وإن كان هو منهم وأفضلهم فإن الله سبحانه يذكره صلى الله عليه آله بعد ذلك بقوله: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).
ومن قائل: إن المراد بهم الملائكة، وفيه - كما قيل - أن القوم وخاصة إذا أطلق من غير تقييد لا يطلق على الملائكة ولا يسبق إلى الذهن على أن في الآية بحسب السياق نوع تسلية للنبي صلى الله عليه وآله ولا معنى لتسليته في كفر قومه بإيمان الملائكة.
ومن قائل إن المراد بهم المؤمنون به صلى الله عليه وآله عند نزول السورة في مكة أو مطلق المهاجرين. وفيه: أن بعض هؤلاء قد ارتدوا بعد إيمانهم كالذي قال سأنزل مثل ما أنزل الله، وقد تعرض سبحانه لامره في هذه السورة بعد آيات، وقد كان فيهم المنافق فلا ينطبق عليهم قوله: (ليسوا بها بكافرين). ومن قائل: أن المراد بهم الأنصار أو المهاجرون والأنصار جميعا أو أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار وهم الذين أقاموا هذه الدعوة على ساقها ونصروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم العسرة، وقد مدحهم الله في كتاب أبلغ المدح. وفيه: أن كرامة جماعتهم ورفعة منزلتهم بما هم جماعة مما لا يدانيه ريب لكن كان بينهم من ارتد بعد ايمانه والمنافق الذي لم يظهر حاله بعد، ولا ينطبق على من هذا نعته مثل قوله تعالى: (فقد وكلنا بها قوما