يدعوه أبا ولم يكن بوالده الحقيقي (1) وهاجر ومعه زوجته ولوط إلى الأرض المقدسة ليدعو الله سبحانه من غير معارض يعارضه من قومه الجفاة الظالمين (الممتحنة: 4 الأنبياء:
71) وبشره الله سبحانه هناك بإسماعيل وبإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب وقد شاخ وبلغه كبر السن فولد له إسماعيل ثم ولد له إسحاق وبارك الله سبحانه فيه وفي ولديه وأولادهما.
ثم إنه عليه السلام بأمر من ربه ذهب إلى أرض مكة وهى واد غير ذي زرع فأسكن فيه ولده إسماعيل وهو صبي ورجع إلى الأرض المقدسة فنشأ إسماعيل هناك واجتمع عليه قوم من العرب القاطنين هناك وبنيت بذلك بلدة مكة.
وكان عليه السلام ربما يزور إسماعيل في إرض مكة قبل بناء مكة والبيت وبعد ذلك (البقرة: 126، إبراهيم: 35 - 41) ثم بنى بها الكعبة البيت الحرام بمشاركة من إسماعيل وهى أول بيت وضع للناس من جانب الله مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا (البقرة: 127 - 129، آل عمران: 96 - 97) وأذن في الناس بالحج وشرع نسك الحج (الحج 26: 30).
ثم أمره الله بذبح ولده إسماعيل عليهما السلام فخرج معه للنسك فلما بلغ معه السعي قال يا بنى إني أرى في المنام أنى أذبحك قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا وفداه الله سبحانه بذبح عظيم (الصافات: 101 - 107).
وآخر ما قص القرآن الكريم من قصصه عليه السلام أدعيته في بعض أيام حضوره بمكة المنقولة في سورة إبراهيم (آية 35 - 41) وآخر ما ذكر فيها قوله عليه السلام: (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب).
منزلة إبراهيم عند الله سبحانه وموقفه العبودي: أثنى الله تعالى على إبراهيم عليه السلام في كلامه أجمل ثناء وحمد محنته في جنبه أبلغ الحمد، وكرر ذكره باسمه في نيف وستين موضعا من كتابه وذكر من مواهبه ونعمه عليه شيئا كثيرا. وهاك جملا من ذلك: أتاه الله رشده من قبل (الأنبياء: 51) واصطفاه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (البقرة: 130 - 131) وهو الذي وجه وجهه إلى ربه .