تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٣٢
إلى آخر الآية، كما تقدم يؤيد المعنى الأول.
وقوله: (توفته رسلنا وهم لا يفرطون) الظاهر أن المراد من التفريط هو التساهل والتسامح في إنفاذ الامر الإلهي بالتوفي فإن الله سبحانه وصف ملائكته بأنهم يفعلون ما يؤمرون، وذكر أن كل أمة رهن أجلهم فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون فالملائكة المتصدون لأمر التوفي لا يقصرون عن الحد الواجب المحدود المكشوف لهم من موت فلان في الساعة الفلانية على الشرائط الكذائية فهم لا يسامحون في توفى من أمروا بتوفيه ولا مقدار ذرة فهم لا يفرطون.
وهل هذه الرسل هم الرسل المذكورون أولا حتى تكون الحفظة هم الموكلين على التوفي؟ الآية ساكتة عن ذلك إلا ما فيها من إشعار ضعيف بالوحدة غير أن هؤلاء الرسل المأمورين بالتوفي كائنين من كانوا هم من أعوان ملك الموت لقوله تعالى: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) (السجدة: 11).
ونسبة التوفي إلى هؤلاء الرسل ثم إلى ملك الموت في الآية المحكية آنفا ثم إلى الله سبحانه في قوله: (الله يتوفى الأنفس) (الزمر: 42) من قبيل التفنن في مراتب النسب فالله سبحانه ينتهى إليه كل أمر وهو المالك المتصرف على الاطلاق، ولملك الموت التوسل إلى ما يفعله من قبض الأرواح بأعوانه الذين هم أسباب الفعل ووسائله وأدواته كالخط الذي يخط القلم و ورائه اليد ووراءهما الانسان الكاتب.
قوله تعالى: (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) إشارة إلى رجوعهم إلى الله سبحانه بالبعث بعد الموت، وتوصيفه تعالى بأنه مولاهم الحق للدلالة على علة جميع ما تقدم من تصرفاته تعالى بالإنامة والايقاظ والتدبير والإماتة والبعث، وفيه تحليل لمعنى المولى ثم إثبات حق المولوية له تعالى، فالمولى هو الذي يملك الرقبة فيكون من حقه جواز التصرف فيها كيفما شاء، وإذ كان له تعالى حقيقة الملك، وكان هو المتصرف بالايجاد والتدبير والارجاع فهو المولى الحق الذي يثبت له معنى المولوية ثبوتا لا زوال له بوجه البتة.
والحق من أسماء الله الحسنى لثبوته تعالى بذاته وصفاته ثبوتا لا يقبل الزوال ويمتنع عن التغير والانتقال والضمير في (ردوا) راجع إلى الآحاد الذي يومئ إليه سابق الكلام من قوله: (حتى إذا جاء أحدكم الموت) فإن حكم الموت يعم كل واحد ويجتمع به آحادهم
(١٣٢)
مفاتيح البحث: الموت (6)، السجود (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346