تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٣١
المعلوم عند الله الذي لا يتخطاه حياة الانسان الدنيوية كما قال: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (الأعراف: 34).
وإنما جعل قضاء الاجل المسمى غاية لأنه تعالى أسرع الحاسبين، ولولا تحقق قضاء سابق لأخذهم بسيئات أعمالهم ووبال آثامهم، كما قال: (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم) (الشورى: 14) والقضاء السابق هو الذي يشتمل عليه قوله تعالى في قصة هبوط آدم عليه السلام: (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) (الأعراف: 24).
فالمعنى أن الله يتوفاكم بالليل والحال أنه يعلم ما كسبتم في النهار من السيئات وغيرها لكن لا يمسك أرواحكم ليديم عليها الموت بل يبعثكم في النهار بعد التوفي لتقضى آجالكم المسماة ثم إليه مرجعكم بنزول الموت والحشر فينبئكم بما كنتم تعملون.
قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده) قد تقدم الكلام فيه في تفسير الآية 17 من السورة.
قوله تعالى: (ويرسل عليكم حفظه) الخ، اطلاق إرسال الحفظة من غير تقييد لا في الارسال ولا في الحفظة ثم جعله مغيا بمجئ الموت لا يخلو عن دلالة على أن هؤلاء الحفظة المرسلين شأنهم حفظ الانسان من كل بلية تتوجه إليه ومصيبة تتوخاه، وآفة تقصده فإن النشأة التي نحن فيها نشأة التفاعل والتزاحم، ما فيه من شئ إلا وهو مبتلى بمزاحمة غيره من شئ من جميع الجهات لان كلا من أجزاء هذا العالم الطبيعي بصدد الاستكمال واستزادة سهمه من الوجود، ولا يزيد في شئ إلا وينقص بنسبته من غيره فالاشياء دائما في حال التنازع، والتغلب ومن أجزائه الانسان الذي تركيب وجوده ألطف التراكيب الموجودة فيه وأدقها فيما نعلم فرقباؤه في الوجود أكثر وأعداؤه في الحياة أخطر فأرسل الله إليه من الملائكة حفظة تحفظه من طوارق الحدثان وعوادي البلايا والمصائب ولا يزالون يحفظونه من الهلاك حتى إذا جاء أجله خلوا بينه وبين البلية فأهلكته على ما في الروايات.
أما ما ذكره في قوله: (إن عليكم لحافظين. كراما كاتبين. يعلمون ما تفعلون) (الانفطار: 12) فإنما يريد به الحفظة على الأعمال غير أن بعضهم أخذ الآيات مفسرة لهذه الآية، والآية وإن لم تأب هذا المعنى كل الاباء لكن قوله: (حتى إذا جاء أحدكم الموت)
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346