واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (البقرة: 62).
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالاسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم، وقتل بعض، فقال المسلمون: قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت هذه الآية: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) إلى آخر الآية . قال: فكتب إلى من بقى بمكة من المسلمين بهذه الآية، وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة فأنزلت فيهم هذه الآية (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا وأيسوا من كل خير فنزلت فيهم (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) فكتبوا إليهم بذلك ان الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وفيه أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وفيه أخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر ونبع الايمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجال فقالوا: يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فكانوا يقولون ذلك له فلما كان يوم بدر قام المشركون فقالوا لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستبحنا ماله، فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم معهم فقتلت طائفة منهم، وأسرت طائفة.