رجل يقال له ضمرة من بنى بكر، وكان مريضا فقال لأهله. أخرجوني من مكة فإني أجد الحر فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو طريق المدينة، فخرجوا به فمات على ميلين من مكة فنزلت هذه الآية (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت).
أقول: والروايات في هذا المعنى كثيرة إلا أن فيها اختلافا شديدا في تسمية هذا الذي أدركه الموت، ففي بعضها ضمرة بن جندب، وفي بعضها أكثم بن صيفي، وفي بعضها أبو ضمرة بن العيص الزرقي، وفي بعضها ضمرة بن العيص من بنى ليث، وفي بعضها جندع بن ضمرة الجندعي، وفي بعضها أنها نزلت في خالد بن حزام خرج مهاجرا إلى حبشة فنهشته حية في الطريق فمات.
وفي بعض الروايات عن ابن عباس: أنه أكثم بن صيفي. قال الراوي: قلت: فأين الليثي؟ قال: هذا قبل الليثي بزمان وهى خاصة عامة.
أقول: يعنى أنها نزلت في أكثم خاصة ثم جرت في غيره عامة، والمتحصل من الروايات أن ثلاثة من المسلمين أدركهم الموت في سبيل الهجرة: أكثم بن صيفي، وليثي، وخالد بن حزام وأما نزول الآية في أي منهم فكأنه تطبيق من الراوي.
وفي الكافي عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المستضعف، فقال: هو الذي لا يستطيع حيلة إلى الكفر فيكفر، ولا يهتدى سبيلا إلى الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يستطيع أن يكفر فمنهم الصبيان ومن الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم.
أقول: والحديث مستفيض عن زرارة، رواه الكليني والصدوق والعياشي بعدة طرق عنه.
وفيه بإسناده عن إسماعيل الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الدين الذي لا يسع العباد جهله. قال: الدين واسع ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم من جهلهم.
قلت: جعلت فداك فأحدثك بديني الذي أنا عليه؟ فقال: نعم. فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، والاقرار بما جاء به من عند الله تعالى، وأتولاكم، وأبرء من أعدائكم ومن ركب رقابكم، وتأمر عليكم، وظلمكم حقكم. فقال: والله ما