المجتمع الاسلامي، والاتحاد والتعاون على البر والتقوى واعلاء كلمة الحق ورفع راية التوحيد وأعلام الدين.
فطائفة أقامت في دار الاسلام من مجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وقاعدين غير أولى الضرر، وقاعدين أولى الضرر وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة.
وطائفة أقامت في دار الشرك، وهى ظالمة لا تهاجر في سبيل الله ومأواهم جهنم وساءت مصيرا، وطائفة منهم مستضعفة غير ظالمة لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وطائفة منهم غير مستضعفة خرجت من بيتها مهاجرة إلى الله ورسوله ثم ادركها الموت فقد وقع اجرها على الله.
والآيات تجرى بمضامينها على المسلمين في جميع الأوقات والأزمنة وإن كان سبب نزولها حال المسلمين في جزيرة العرب في عهد النبي (ص) بين هجرته إلى المدينة وفتح مكة وكانت الأرض منقسمة يومئذ إلى أرض الاسلام وهى المدينة وما والاها فيها جماعة المسلمين أحرار في دينهم وجماعة من المشركين وغيرهم لا يزاحمون في أمرهم لعهد ونحوه، وإلى أرض الشرك وهى مكة وما والاها هي تحت سلطة المشركين مقيمين على وثنيتهم، ويزاحمون المسلمين في أمر دينهم يسومونهم سوء العذاب، ويفتنونهم لردهم عن دينهم.
لكن الآيات تحكم على المسلمين بملاكها دائما فعلى المسلم أن يقيم حيث يتمكن فيه من تعلم معالم الدين، ويستطيع إقامة شعائره والعمل بأحكامه، وأن يهجر الأرض التي لا علم فيها بمعارف الدين، ولا سبيل إلى العمل بأحكامه من غير فرق بين أن تسمى اليوم دار الاسلام أو دار شرك فإن الأسماء تغيرت اليوم وهجرت مسمياتها وصار الدين جنسية، والاسلام مجرد تسم من غير أن يراعى في تسميته الاعتقاد بمعارفه أو العمل بأحكامه.
والقرآن الكريم إنما يرتب الأثر على حقيقة الاسلام دون اسمه ويكلف الناس من العمل ما فيه شئ من روحه لا ما هو صورته، قال تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) (النساء:
124) وقال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله