يقلدها النعل التي قد صلى فيها. قوله: " ولا آمين البيت الحرام " قال: الذين يحجون البيت وفي المجمع قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: نزلت هذه الآية في رجل من بنى ربيعة يقال له: الحطم.
قال: وقال السدى: أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده وخلف خيله المدينة فقال: إلى ما تدعو -؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه:
يدخل عليكم اليوم رجل من بنى ربيع، يتكلم بلسان شيطان - فلما أجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنظرني لعلى أسلم ولى من أشاوره، فخرج من عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعقب غادر، فمر بسرح من سروح المدينة فساقه وانطلق به وهو يرتجز ويقول: قد لفها الليل بسواق حطم * ليس براعى إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم * باتوا نياما وابن هند لم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم * خدلج الساقين ممسوح القدم ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد هديا فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية: ولا آمين البيت الحرام ".
قال: وقال ابن زيد: نزلت يوم الفتح في ناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله إن هؤلاء مشركون مثل هؤلاء دعنا نغير عليهم فأنزل الله تعالى الآية.
أقول: روى الطبري القصة عن السدى وعكرمة والقصة الثانية عن ابن زيد وروى في الدر المنثور القصة الثانية عن ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم وفيه: أنه كان يوم الحديبية. والقصتان جميعا لا توافقان ما هو كالمتسلم عليه عند المفسرين وأهل النقل أن سورة المائدة نزلت في حجة الوداع، إذ لو كان كذلك كان قوله: " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " (البراءة: 28)، وقوله: " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (البراءة: 5) الآيتان جميعا نازلتين قبل قوله: " ولا آمين البيت الحرام " ولا محل حينئذ للنهي عن التعرض للمشركين إذا قصدوا البيت الحرام.
ولعل شيئا من هاتين القصتين أو ما يشابههما هو السبب لما نقل عن ابن عباس ومجاهد