وقتادة والضحاك: ان قوله: " ولا آمين البيت الحرام " منسوب بقوله: " واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (الآية)، وقوله: " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام " (الآية) وقد وقع حديث النسخ في تفسير القمي، وظاهره انه رواية.
ومع ذلك كله تأخر سورة المائدة نزولا يدفع ذلك كله، وقد ورد من طرق أئمة أهل البيت عليهما السلام: أنها ناسخة غير منسوخة على أن قوله تعالى فيها: " اليوم أكملت لكم دينكم " (الآية) يأبى أن يطرء على بعض آيها نسخ وعلى هذا يكون مفاد قوله:
" ولا آمين البيت الحرام " كالمفسر بقوله بعد: " ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا " أي لا تذهبوا بحرمة البيت بالتعرض لقاصديه لتعرض منهم لكم قبل هذا، ولا غير هؤلاء ممن صدوكم قبلا عن المسجد الحرام ان تعتدوا عليهم بإثم كالقتل، أو عدوان كالذي دون القتل من الظلم بل تعاونوا على البر والتقوى.
وفي الدر المنثور: أخرج أحمد وعبد بن حميد في هذه الآية يعنى قوله: " وتعاونوا على البر " (الآية) والبخاري في تاريخه عن وابصة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا لا أريد أن ادع شيئا من البر والاثم إلا سألته عنه فقال لي: يا وابصة أخبرك عما جئت تسأل عنه أم تسأل؟ قلت يا رسول الله اخبرني قال: جئت لتسأل عن البر والاثم، ثم جمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري ويقول: يا وابصة استفت قبلك استفت نفسك البرما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والاثم ما حاك في القلب، وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك.
وفيه: أخرج أحمد وعبد بن حميد وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي أمامة: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الاثم فقال: ما حاك في نفسك فدعه.
قال: فما الايمان؟ قال: من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن.
وفيه: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب عن النواس بن سمعان قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البر والاثم فقال: البر حسن الخلق والاثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس.
أقول: الروايات - كما ترى - تبتنى على قوله تعالى: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " (الشمس: 8) وتؤيد ما تقدم من معنى الاثم.