إليك " أي وبالمقيمين الصلاة.
وقيل: إنه معطوف على الكاف في " إليك " أو الكاف في قبلك. وهذه الأقوال الأخيرة لا تجوز عند البصريين لأنه لا يعطف بالظاهر على الضمير المجرور من غير إعادة الجار.
قال: وأما ما روى عن عروة عن عائشة قال: سألتها عن قوله " والمقيمين الصلاة " وعن قوله " والصابئين " وعن قوله " إن هذان " فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطؤا في الكتاب، وما روى عن بعضهم: أن في كتاب الله أشياء ستصلحها العرب بألسنتها، قالوا: وفي مصحف ابن مسعود: " والمقيمون الصلاة " فمما لا يلتفت إليه لأنه لو كان كذلك لم يكن ليعلمه الصحابة الناس على الغلط وهم القدوة والذين أخذوه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (انتهى).
وبالجملة قوله " لكن الراسخون في العلم " استثناء من أهل الكتاب من حيث لازم سؤالهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء كما تقدم أن لازم سؤالهم ذلك أن لا يكفي ما جاءهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الكتاب والحكمة المصدقين لما أنزل من قبله من آيات الله على أنبيائه ورسله، في دعوتهم إلى الحق وإثباته مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأتهم إلا مثل ما أتاهم به من قبله من الأنبياء، ولم يعش فيهم ولم يعاشرهم إلا بما عاشوا به وعاشروا به كما قال تعالى " قل ما كنت بدعا من الرسل " (الأحقاف: 9) وقال تعالى: " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين - إلى أن قال - لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون " (الأنبياء: 10). فذكر الله سبحانه في فصل من القول: إن هؤلاء السائلين وهم أهل الكتاب ليست عندهم سجية اتباع الحق ولا ثبات ولا عزم ولا رأى، وكم من آية بينة ظلموها، ودعوة حق صدوا عنها، إلا أن الراسخين في العلم منهم لما كان عندهم ثبات على علمهم وما وضح من الحق لديهم، وكذا المؤمنون حقيقة منهم لما كان عندهم سجية اتباع الحق يؤمنون بما