ولذلك لا يصدقونك ولا يتمسكون بدين الاسلام مع أنه كان يجب عليهم الاعتصام بالاسلام لأنه الدين الذي يبتني على الفطرة وكذلك يجب أن يكون الدين والدليل عليه أن من في السماوات والأرض من اولي العقل والشعور مسلمون لله في مقام التكوين فيجب أن يسلموا عليه في مقام التشريع.
قوله تعالى وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها هذا الاسلام الذي يعم من في السماوات والأرض ومنهم أهل الكتاب الذين يذكر أنهم غير مسلمين ولفظ أسلم صيغة ماض ظاهره المضي والتحقق لا محالة وهو التسليم التكويني لأمر الله دون الاسلام بمعنى الخضوع العبودي ويؤيده أو يدل عليه قوله طوعا وكرها . وعلى هذا فقوله وله أسلم من قبيل الاكتفاء بذكر الدليل والسبب عن ذكر المدلول والمسبب وتقدير الكلام أفغير الاسلام يبغون وهو دين الله لان من في السماوات والأرض مسلمون له منقادون لامره فإن رضوا به كان انقيادهم طوعا من أنفسهم وإن كرهوا ما شائه وأرادوا غيره كان الامر أمره وجرى عليهم كرها من غير طوع.
ومن هنا يظهر أن الواو في قوله طوعا وكرها للتقسيم وأن المراد بالطوع والكره رضاهم بما أراد الله فيهم مما يحبونه وكراهتهم لما أراده فيهم مما لا يحبونه كالموت والفقر والمرض ونحوها.
قوله تعالى وإليه يرجعون هذا سبب آخر لوجوب ابتغاء الاسلام دينا فإن مرجعهم إلى الله موليهم الحق لا إلى ما يهديهم إليه كفرهم و شركهم.
قوله تعالى قل آمنا بالله وما أنزل علينا أمر النبي أن يجري على الميثاق الذي أخذ منه ومن غيره فيقول عن نفسه وعن المؤمنين من أمته آمنا بالله وما أنزل علينا الخ.
وهذا من الشواهد على أن الميثاق مأخوذ من الأنبياء وأممهم جميعا كما مرت الإشارة إليه آنفا.
قوله تعالى وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل إلى آخر الآية هؤلاء المذكورون بأسمائهم هم الأنبياء من آل إبراهيم ولا تخلو الآية من إشعار بأن المراد بالأسباط