التعليم الديني يضعف أثرا ويخيب سعيا حتى انثلمت تدريجا أركان الأخلاق والفضائل الانسانية عقيب شيوع المادية التي استتبعتها الحرية التامة.
وظهرت الشيوعية والاشتراك بالبناء على فلسفة ماترياليسم ديالكتيك ورفض القول باللاهوت والأخلاق الفاضلة الثابتة والأعمال الدينية فانهدمت الانسانية المعنوية وورثتها الحيوانية المادية مؤلفة من سبعية وبهيمية وانتهضت الدنيا تسير إليها سيرا حثيثا.
وأما النهضات الدينية التي عمت الدنيا أخيرا فليست إلا ملاعب سياسية يلعب بها رجال السياسة للتوسل بها إلى غاياتهم وأمانيهم فالسياسة الفنية اليوم تدق كل باب وتدب كل جحر وثقب.
ذكر الدكتور جوزف شيتلر أستاذ العلوم الدينية في كلية لوتران في شيكاغو أن النهضة الدينية الجديدة في أمريكا ليست إلا تطبيق الدين على المجموعة من شؤون الحياة في المدنية الحديثة وتثبيت أن المدنية الحاضرة لا تضاد الدين.
وإن فيه خطر أن يعتقد عامة الناس أنهم متدينون بالدين الحق بما في أيديهم من نتايج المدنية الحاضرة حتى يستغنوا عن الالتحاق إلى النهضة الحقيقية الدينية لو ظهرت يوما بينهم فلا يلتفتوا إليها (1).
وذكر الدكتور جرج فلوروفسكي أكبر مدافع أرثوذكس روسيا بأمريكا أن التعليمات الدينية بأمريكا ليست إلا سلوة كاذبة للقلوب لأنها لو كانت نهضة حية حقيقية دينية لكان من الواجب أن تتكئ على تعليمات عميقة واقعية (2).
فانظر من أين خرج وفد الدين وفي أين نزل بدأت الدعوة باسم إحياء الدين العقيدة والأخلاق الملكات الحسنة والشريعة الأعمال واختتمت بالغاء الجميع ووضع التمتع الحيواني موضعها.
وليس ذلك كله إلا تطور الانحراف الأولى الواقع من بولس المدعو بالقديس